مشروع للمفوضية يساعد أقلية عرقية في وادي فرغانة في الحصول على الجنسية القيرغيزية
مشروع للمفوضية يساعد أقلية عرقية في وادي فرغانة في الحصول على الجنسية القيرغيزية
جاني كيشتاك، قيرغيزستان، 5 ديسمبر/ كانون الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تعيش أقلية ليولي في قرية جاني كيشتاك وقرى أخرى بوادي فرغانة الخصيب لأكثر من 200 عام. كبر الكثيرون منهم تحت مظلة الحكم السوفييتي، عندما كان وادي فرغانة يضم جمهوريات أوزبكستان، وطاجيكستان وقيرغيزستان السوفييتية ولم تكن الجنسية أحد الاعتبارات ذات الأهمية الكبرى.
لم يحصل ما يصل إلى نصف سكان القرية الواقعة غربي قيرغيزستان والبالغ عددهم 3,700 نسمة -جميعهم من أقلية ليولي العرقية -أبداً على وثائق إثبات الهوية، بيد أنهم وجدوا خلال الأعوام الأخيرة أن عدم وجود مثل هذه الوثائق، ومنها شهادات الميلاد يمكن أن يقيد حصولهم على العديد من حقوق الإنسان الأساسية في قيرغيزستان المستقلة.
جاء أسلاف أقلية ليولي من طاجيكستان إلى وادي فرغانة. وهم جماعة منبثقة عن شعب الدوم الذي يسكن عدة بلدان في وسط آسيا وغربها والشرق الأوسط، وغالباً ما تكون لديهم نفس مشكلات الوثائق التي تعاني منها أقلية ليولي في قيرغيزستان.
وتحاول المفوضية أن تساعد أقلية ليولي في استعادة الهوية كجزء من مشروع أكبر في قيرغيزستان لمساعدة آلاف الأشخاص ممن لم تحدد جنسياتهم. إنهم معرضون لخطر انعدام الجنسية لأنهم غير موثقين على الإطلاق، مما يعني أنهم يواجهون صعوبات خاصة لإثبات أحقيتهم في الحصول على الجنسية القيرغيزية.
ولدت كوريا أورمانوفا عام 1977 عندما كانت قيرغيزستان جزءاً من الاتحاد السوفييتي، لم يكن لديها جواز سفر أو وثيقة أخرى تثبت جنسيتها على الإطلاق. تقول موضحة: "توفي والدي عندما كنت طفلة صغيرة، وعندما أصبحت في سن الحصول على جواز سفر (16 عاماً)، لم أكن أعرف أين كانت شهادة ميلادي، ومن ثم لم أستخرج جواز سفر".
ومع مرور الوقت تزوجت وأنجبت ستة أطفال في المنزل على مر السنين؛ لم يتم تسجيل أي منهم عند مولده. في البداية، لم تكن هذه مشكلة كبيرة، حتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991. ولكن مع تقدم أطفالها في العمر، أدركت أن عدم وجود وثائق قد يحول دون حصولهم وحصولها على الحقوق الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والتوظيف والعلاوات الاجتماعية وغيرها.
ولكن بمساعدة المفوضية، وأحد شركائها المحليين والحكومة، استطاعت كوريا والكثير من جيرانها الحصول على وثائق حيوية حتى يعيشوا حياة طبيعية في قرغيزستان، التي حصلت على الاستقلال عام 1991. قالت كوريا التي كانت تناقش كيفية الحصول على جواز سفر مع محامين زائرين من المنظمة غير الحكومية "محامون بلا حدود بوادي فرغانة: "بفضل مشروع المفوضية هذا، حصل ابني الذي أتم عامه الثاني عشر للتو على شهادة ميلاده". وأضافت: "آمل أن يحصل جميع أبنائي وأحصل أنا أيضاً على وثائق مناسبة لإثبات الهوية".
جذبت زيارة الفريق القانوني الكثير من الاهتمام هنا، حيث وُجهت لهم العديد من الأسئلة حول كيفية الحصول على وثائق الهوية والحصول على جميع مستحقات المواطن. يحمل بعض أفراد الجيل الأكبر سناً جوازات سفر سوفييتية منتهية الصلاحية كإثبات للهوية وكانوا يرغبون في معرفة ما إذا كان بإمكانهم استبدالها بجوازات سفر قيرغيزية لضمان الحصول على الخدمات الحكومية.
يمثل مشروع المفوضية الممتد على مدار ستة أشهر جزءاً صغيراً من جهود المفوضية في قيرغيزستان لمساعدة ما يزيد عن 20,000 شخص من كل الجماعات العرقية ومنهم الأوزبك والطاجيك، في الحصول على وثائق مناسبة لإثبات الهوية ومنع انعدام الجنسية. فخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، قام ما يزيد عن 9,360 شخصاً بتسليم جوازات سفرهم المنتهية الصلاحية وحصلوا على جوازات سفر قيرغيزية. وفي قرية جاني كيشتاك، حصل 330 مزارعاً على مساعدات قانونية مجانية ساهمت في حصول 106 منهم على شهادات ميلاد أو جوازات سفر.
عزيز بك عشوروف هو مدير مكتب محامين بلا حدود في وادي فرغانة، الذي يعمل مع المفوضية عن طريق تقديم المساعدة القانونية لعديمي الجنسية والأشخاص غير محددي الجنسية. وقد قام بإدراج الأسباب الأساسية لانعدام الجنسية في قيرغيزستان قائلاً: "أولاً انهيار اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية (الاتحاد السوفييتي) حيث لم يقم الأشخاص باستبدال جوازات سفرهم السوفييتية ومن ثم أصبحوا عديمي الجنسية". وأضاف أن السبب الثاني تمثل في انعدام التوافق بين قوانين الجنسية في البلدان المختلفة.
وذكر البيروقراطية غير الفعالة كسبب ثالث: "انتقل الناس من بلد إلى آخر، وتزوجوا، ثم وجدوا أنفسهم في حالات لم تضع القوانين الوطنية تصوراً لها. وبذلك أدت الثغرات في التشريعات المختلفة إلى صعوبة الحصول على الجنسية".
بيد أن المشكلة قد تفاقمت أيضاً على مر السنين كنتيجة بسيطة لافتقار العامة إلى الوعي بأهمية الحصول على وثائق، وخاصة في المناطق الريفية المعوزة، حيث أكد رسلان يورينوف، عمدة قرية جاني كيشتاك، قائلاً: لقد عقدت العديد من الاجتماعات مع سكان القرية لرفع الوعي بأهمية الوثائق".
وأضاف مؤكداً: "كانت هذه الشعوب في السابق من الرُحَّل، ولم يتم توثيق هوياتهم أبداً؛ الأمر الذي يوضح سبب عدم حيازة الآباء لوثائق إثبات الهوية وعدم حصولهم على وثائق من أجل أبنائهم. ولكن الموقف يتغير في الوقت الحالي، حيث يرغب الأشخاص في الحصول على وثائق ويحتاجون إلى المشورة والدعم". كما أشار إلى أن بعض الأطفال ليس لديهم شهادات ميلاد لأنهم ولدوا في المنزل. وفي حالة عدم حيازة والديهم لوثائق، فإنهم لا يتمكنون من استخراج شهادات ميلاد وجوازات سفر لأبنائهم.
ولكن على الرغم من أسلوب حياة أقلية ليوليالمتميز والمستقل في قرية جاني كيشتاك وقرى أخرى؛ الذي أدَّى إلى ممارسة التمييز ضدهم في الماضي، إلا أنهم بدؤوا في إدراك أهمية الحصول على وثائق لتمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.
تقول غولشيهرا عبد الله ييفا، مديرة المدرسة المحلية إن المدرسة تقبل الأطفال دون تقديم وثائق، مضيفة أن أولياء الأمور يزداد اهتمامهم يوماً بعد يوم بحصول أبنائهم على التعليم الأساسي: "يسعدني أن أرى هؤلاء الأطفال في مدرستي. لقد قبلتهم دون وثائق لإثبات الهوية لأن التعليم حق للجميع في بلادنا". وأضافت: "يدرس 245 طفلاً من إجمالي 544 طفلاً دون تقديم وثائق".
وفي الوقت نفسه، حصلت مانوجات أوروكوفا أخيراً على جواز سفر قيرغيزي وهي في سن 40 عاماً. لقد تعقد أمر طلبها نظراً لأن والديها ليس لديهما وثائق، وقد سُجِّلَت على اسم والدي زوجها بعدما تزوجت. وقد أثَّر ذلك على أبنائها الثمانية، حيث قالت: "ولد اثنان منهم في مستوصف ولادة، بينما ولد الباقون في المنزل. ولم تُستخرج لأي منهم شهادة ميلاد". ولكنها الآن متفائلة بأن يكون للأبناء مستقبل أفضل بمساعدة المفوضية وشركائها.
بقلم إناغول عبدرخمنوفا، جاني كيشتاك، قيرغيزستان