تجار من الروهينغا يلبّون احتياجات سكان مخيم في بنغلاديش
تجار من الروهينغا يلبّون احتياجات سكان مخيم في بنغلاديش
بحركة من يده، يشير الحلاق اللاجئ نجم الدين إلى زبونه التالي بالجلوس على الكرسي في هذا المخيم المترامي الأطراف في بنغلاديش، ويلتقط مقصه.
يصف الطالب فيروز الذي يرتدي ملابس أنيقة قصة الشعر التي يريدها بعد أن تابع صور لاعبي كرة القدم ونجوم السينما في المجلات، ويقول: "قصير على الجانبين وطويل في الخلف". يومئ نجم الدين برأسه ويرش الماء على شعر زبونه، ويبدأ العمل.
قبل فراره من دياره، كان نجم الدين، البالغ من العمر 21 عاماً، يدير مدرسة دينية في ميانمار. وعندما رأى الحاجة إلى تشذيب شعر طلابه خارج الوطن، بدأ العمل في هذه المهنة في هذه المدينة التي أصبحت اليوم أكبر مخيم للاجئين في العالم.
يقول نجم الدين: "تجمع حشد من الناس وبدأوا يطلبون مني قص شعرهم. رأيت أن الطلب عالٍ فافتتحت هذا المحل".
ومنذ ذلك الحين، اشترى كرسي حلاقة ووعاءً لغسل الشعر ومرآة أسندها على منضدة من الخيزران تنتشر عليها فراشي الشعر والبودرة وكريم الأطفال، بالإضافة إلى مستحضرات تنظيف الوجه للرجال.
يقص شعر 20 و25 شخصاً كل يوم، ويتقاضى 40 تاكا بنغلاديشية عن كل قصة (0.48 دولاراً أميركياً)، ويقول: "يمنحني ذلك الطمأنينة ويؤمن لي الدخل. أنا سعيد جداً بخدمتهم لأننا جميعاً من المنطقة نفسها".
ويقول فيروز البالغ من العمر 23 عاماً، والذي يرتدي سترة أنيقة رمادية اللون، بأن الحفاظ على الأناقة يكتسب أهمية خاصة عندما تفقد بيتك وتعيش في مخيم للاجئين.
"يترك المظهر الأنيق انطباعاً جيداً"
ويضيف قائلاً: "يترك المظهر الأنيق انطباعاً جيداً ويجذب الناس إليك. إنه يشعرني بالثقة والكرامة كما يمنحني شعوراً بالراحة أثناء عيشي في المخيم. ويساعدني ذلك على تقليل التوتر وتجاوز ما خسرته".
منذ أغسطس الماضي، فرّ حوالي 671,000 لاجئ من ولاية راخين في ميانمار وعبروا إلى جنوب شرق بنغلاديش، وأفادوا عن وقوع هجمات متعمدة وعمليات قتل واغتصاب.
وبعد مرور سته أشهر، يقوم كثيرون بالمبادرة ويصممون على بدء أعمال تجارية في المنطقة المغبرة المحيطة بكوتوبالونغ، والتي كان معظمها حتى وقت قريب عبارة عن أحراج وغابات.
أسس البعض مثل نجم الدين صالونات للحلاقة، وفتح البعض الآخر أكشاكاً لإصلاح الهواتف المحمولة أو طحن الفلفل أو إصلاح الثياب. ويدير أكبر عدد متاجر للبقالة، مثل أنصار الله البالغ من العمر 19 عاماً وزوجته فورمينا وعمرها 18 عاماً.
أقام الزوجان متجرهما تحت غطاء من القماش المشمع وفرته المفوضية، ويبيعان فيه سلعاً تشمل السكر والبيض والثوم والطماطم والبسكويت والحلوى وعصير الفواكه.
ويقول أنصار الله: "يحصل الناس على حصصهم الغذائية الأساسية من الأرز والعدس، ولكنهم يريدون قليلاً من التنوع، وهذا ما أقدمه لهم".
وبعد رحلة مروعة دامت 18 يوماً من ميانمار، باع الزوجان أقراط فورمينا الذهبية لتأمين رأس المال اللازم لبدء المشروع. وقد أجريا بعض الأبحاث لمعرفة السلع المطلوبة، واستقر رأيهما على بسكويت "مستر كوكونت"، المفضل لدى الأطفال في المخيم.
"أشعر بالرضا لأنني لست مضطراً لاقتراض المال من أي شخص ولأنني قادر على الاعتناء بأسرتي"
ويضيف أنصار الله، في حين تهتم فورمينا بابنتهما البالغة من العمر 10 أشهر: "بدأنا ببيع البسكويت وعدنا إلى العمل بعد 10 أيام على وصولنا".
بعد ستة أشهر، سار أنصار الله إلى بلدة مجاورة لشراء كمية أكبر من المخزون، بما في ذلك المواد العملية مثل الأقلام والولاعات والخيطان والأسلاك والغراء.
ويقول عن تجار الجملة البنغلاديشيين: "إنهم سعداء في عملهم". وقد أضاف مظلة صغيرة ومقعدين من الخيرزان لتشجيع الزبائن على البقاء لبعض الوقت.
ويضيف قائلاً: "أشعر بالرضا لأنني لست مضطراً لاقتراض المال من أي شخص ولأنني قادر على الاعتناء بأسرتي".
ولدى السير على طول طرقات التلال الترابية الوعرة والشديدة الانحدار، ترى مشاريع تجارية أخرى منتشرة، ومن بينها محلات لبيع الحطب ومقاهٍ ومطاعم ومتاجر لبيع الأسماك الطازجة والمجففة والدواجن، كمتجر مربي الدواجن محمد بيتان، وهو من اللاجئين.
فر هذا الشاب البالغ من العمر 25 عاماً من بلدة راثيداونغ في ولاية راخين منذ خمسة أشهر وأقام متجراً في طريق مزدحم بالقرب من جسر من الخيزران، يبيع فيه الدجاج التي يربيها في خنّ من الخيزران. يبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد من الدجاج 120 تاكا (1.44 دولاراً أميركياً)، وهو يستخدم قفصاً ومجموعة من المقاييس ليزنها.
يربي ما يصل إلى 140 دجاجة معاً وتُعتبر تجارته نشطة حيث أنها تحقق له دخلاً كافياً لإعالة أمه وزوجته وثلاثة أطفال، كما يقول.
"الأهم من ذلك هو أنني أتمتع بالكرامة"
ويضيف محمد: "الأهم من ذلك هو أنني أتمتع بالكرامة. يؤمن لي المتجر دخلاً صغيراً، وأنا سعيد لأن لدي عمل، على عكس العديد من الشباب هنا".
يسمح له المتجر كذلك بمساعدة صديقه محمد صادق البالغ من العمر 20 عاماً والذي يعتني بوالدته وشقيقته منذ مقتل والده في ميانمار. غالباً ما يُعهد للشاب بمسؤولية المتجر، وهو يقول بأن ذلك يساعده على التطلع إلى الأمام.
ويضيف محمد صادق: "يبين ذلك لي أنني سأتمكن من أن أدير متجري الخاص في يوم من الأيام. لا يمكنك الاستمرار في الاعتماد على المساعدات طوال حياتك. عليك أن تحاول أن تشق طريقك الخاص لتؤمن حياة أطفالك، ويبدأ هذا المستقبل هنا".