عام من المعاناة والأمل يمر على اللاجئين الروهينغا
عام من المعاناة والأمل يمر على اللاجئين الروهينغا
مع احتراق القرى في شمال ميانمار، أمسكت طهارة بطفلها البالغ من العمر أربعة أشهر وانطلقت تحت وابل من الأمطار الموسمية في عملية بحث يائسة عن الأمان في بنغلاديش.
تذكر الأم الروهينغية وتقول: "علقننا تحت سيل من الأمطار وتوجب علينا أن نختبئ تحت شجرة في التلال على مدى ليلتين. كل ما كان لدي هو بعض الأرز البائت وكان بصحبتي طفل صغير يحتاج للحليب".
قبل عام، وفي 25 أغسطس 2017، أطلق العنف في ولاية راخين في ميانمار موجةً جديدةً من الدمار والخوف، مما دفع بأكثر من 720,000 لاجئ، أكثر من نصفهم من الأطفال، إلى منطقة كوكس بازار في بنغلاديش.
وفي ذروة التدفق، كان عشرات الآلاف من اللاجئين مثل طهارة وطفلها يصلون إلى بنغلاديش كل يوم، في واحدة من أسرع أزمات اللاجئين نمواً منذ أعوام. وفي غضون شهر، فر ما يقارب 500,000 طفل وامرأة ورجل عبر الحدود، وقد رأوا خلفهم من بنغلاديش أعمدة الدخان المنبعث من عشرات القرى المشتعلة.
مشى الكثيرون لعدة أيام عبر جبال المايو التي تقسم ولاية راخين أو جدفوا مستخدمين العوامات عبر نهر ناف الذي يشكل الحدود الطبيعية بين بنغلاديش وميانمار، حتى إن البعض عبروا سابحين. وصلت نساء حوامل بأشهرها الأخيرة ورجال مصابون بطلقات نارية أو طعنات بالسكاكين إلى كوكس بازار. وكان من بين الفئات الأكثر ضعفاً أطفال منفصلون عن أسرهم وأفراد أسر يحملون أقاربهم الأكبر سناً بواسطة قضبان من الخيزران.
وكمعظم اللاجئين في بنغلاديش، فإن طهارة من الروهينغا، وهي أقلية مسلمة عديمة الجنسية من ميانمار تخضع منذ زمن طويل لقوانين وسياسات تمييزية تحرمها من الجنسية والحقوق الأساسية وفرصة عيش حياة طبيعية كريمة. وقد كانت هي وطفلها من بين أول الواصلين إلى بنغلاديش، الذين باعوا الحلي والممتلكات الأخرى لأصحاب المراكب الذين نقلوهم من ميانمار.
وقالت طهارة: "اضطررنا للعبور على متن القارب لذا فإنني دفعت المال. لقد اضطررت أيضاً للتفريط بأقراطي".
ومع تعثر موجات اللاجئين في منطقتي كوتوبالونغ ونايابارا تحت الأمطار، ووصولهم مرهقين ومهزولين وفي حاجة إلى الطعام والماء والمأوى، كان البنغلاديشيون أول المستجيبين. فقد أبقت الحكومة حدودها مفتوحةً وأطلقت حملات تلقيح جماعية للأطفال، بينما قام المواطنون بتعبئة المساعدات الإنسانية للاجئين.
وقد قدمت السيارات والشاحنات والحافلات من جميع أنحاء البلاد، حيث جلب عمال المصانع وجمعيات الأعمال والجماعات الدينية الأرز المنقذ للحياة والمياه المعبأة في زجاجات، بالإضافة إلى الملابس وقطع القماش المشمع، ووزعوا هذه المواد على اللاجئين المنتظرين في طوابير على الرغم من الوحول. وفي مقاطعة كوكس بازار، منح أصحاب الحيازات الصغيرة أيضاً الأراضي للاجئين لبناء مآوٍ مؤقتة والبدء من جديد.
- اقرأ أيضاً: البنغلاديشيون يسارعون لمساعدة اللاجئين الروهينغا
وذكر أنوبام داس أنوب، أحد نواب حكومة بنغلاديش المسؤول عن المخيمات في كوكس بازار، قائلاً: "في البداية، فتح المجتمع المحلي قلبه. لقد أنقذ معظم الأرواح".
ولدعم الحكومة، عززت المنظمات الدولية استجابتها بسرعة. فبحلول نهاية سبتمبر، ضاعفت المفوضية عدد موظفيها في كوكس بازار ونقلت على الفور أكثر من 1,500 طن متري من المساعدات الطارئة المنقذة للحياة إلى بنغلاديش بما في ذلك البطانيات والأغطية البلاستيكية وحصائر النوم والخيام ولوازم الطهي.
وشدد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، خلال زيارة له إلى كوكس بازار في سبتمبر قائلاً: "ليس لديهم أي شيء على الإطلاق. طوال مسيرتي لم أرَ أشخاصاً يفرون ولا يأخذون معهم سوى هذا القدر من الحاجيات. إنهم بحاجة إلى كل شيء".
في غضون أسابيع، ظهر مخيم مترامي الأطراف فوق سفوح التلال المحيطة بكوتوبالونغ وكان عدد سكانه أكبر من مدينة ليون، ثالث أكبر مدينة في فرنسا، مما أثار المخاوف بشأن عدم توفر المأوى المناسب والمياه والصرف الصحي وإمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية وسلامة النساء والفتيات. ونظراً لخطر تسبب تفشي الأمراض "بحدوث كارثة ضمن كارثة"، أضافت المفوضية وشركاؤها آلاف المراحيض وحفرت آباراً أنبوبية وثقبية لتوفير المياه النظيفة.
ومن خلال إضافة العيادات والمراكز الطبية، سعت المفوضية إلى احتواء الأمراض المتفشية التي تراوحت بين الإسهال المائي الحاد والحصبة والدفتيريا، بمساعدة جهود التوعية التي قام بها المتطوعون من مجتمع اللاجئين على مدار الساعة. ومنذ الأسابيع الأولى لحالة الطوارئ، أمّن الطاقم الطبي أيضاً الإسعافات الأولية في مجال الصحة النفسية للاجئين الذين شهدوا فظائع وخسائر لا يمكن تصورها.
في الأشهر التي تلت، أبلغت معلومات جديدة السكان عن الخدمات المتوفرة. وشملت هذه الأخيرة مراكز تعلم المعارف والمهارات الحياتية والرياضيات الأساسية، والمساحات الصديقة للأطفال والنساء، بدعم من وكالات الأمم المتحدة والشركاء من المنظمات غير الحكومية. وشملت الأنشطة الأخرى التدريب المهني، مثل تعلم الخياطة وصنع مسحوق تنظيف الأسنان أو الصابون، بتقدمة من المنظمة غير الحكومية المحلية، لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف.
وقالت ليلى بيغوم، البالغة من العمر 25 عاماً، وهي أم عازبة تحضر ورشة عمل الخياطة التي تعلم عشرات النساء صنع شباك الصيد وعمامة الصلاة لبيعها: "أحب الخياطة وأحتاج إلى دخل".
ومع اقتراب الأمطار الموسمية في بنغلاديش، وهي واحدة من أكثر الدول عرضةً للكوارث الطبيعية في العالم، تسابقت المفوضية وشركاؤها مع الزمن لحماية اللاجئين في المخيمات الواقعة على التلال غير المستقرة، حيث كان حوالي 200,000 شخص في مناطق معرضة للانهيارات الأرضية والفيضانات.
ومع عدم وجود إدارة للأعمال البلدية لتعزيز ما هو الآن سادس أكبر مدينة في بنغلاديش، ضمت المفوضية جهودها إلى جهود برنامج الأغذية العالمي والمنظمة الدولية للهجرة لنشر المهندسين والجرافات في جميع أنحاء المخيم لإصلاح الطرق المتضررة ومعالجة انسدادات أنظمة الصرف والانهيارات الأرضية وتثبيت المنحدرات الخطيرة.
وعمل اللاجئون أنفسهم على مدار الساعة لتعزيز مآويهم، وفي بعض المناطق، عملوا على تسوية تلال بأكملها لبناء مآوٍ جديدة أكثر أماناً. وبدعم من المهندسين والجيش البنغلاديشي، ساعد اللاجئون في بناء أو إصلاح أكثر من كيلومترين من الجسور و32 كيلومتراً من الطرق و45 كيلومتراً من الأدراج و63 كيلومتراً من هياكل الدعم و91 كيلومتراً من أنظمة الصرف.
وقال اللاجئ حافظ، البالغ من العمر 30 عاماً، بينما كان يأخذ استراحةً مؤخراً من إعادة بناء جسر من الخيزران يعد أحد الشرايين الرئيسية في كوتوبالونغ: "كنا نمشي في الوحل". عندما وصل من ميانمار في أكتوبر، بعد رحلة استمرت 14 يوماً عبر جثث الموتى، كان لا يزال هناك نقص في نقاط المياه المتاحة للاجئين، فسحب المياه من قنوات ولم يكن يعرف مصدرها. وأضاف: "لدينا الآن جسور ومراحيض أفضل والمزيد من الطعام ومياه الشرب".
وقد سمحت الجهود التي بذلها حافظ وآخرون لـ24,000 لاجئ بالانتقال إلى مناطق أكثر أماناً، بعيداً عن الفيضانات والانهيارات الأرضية وتفادي أعداد وفيات لا توصف.
لدينا الآن جسور ومراحيض أفضل والمزيد من الطعام ومياه الشرب"
وبعد مرور عام، لا تزال الاستجابة الإنسانية في بنغلاديش تركز على تلبية الاحتياجات الإنسانية الضخمة للاجئين الذين تتزايد أعدادهم بوتيرة أبطأ بكثير في الأشهر الأخيرة، مع وصول 12,000 شخص جديد منذ يناير.
وهناك حاجة إلى مزيد من الدعم من المانحين لخطة المساعدات الإنسانية التي تبلغ قيمتها 951 مليون دولار، لمواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة بحلول نهاية العام. وحتى أوائل أغسطس، لم يتم تمويل الخطة سوى بنسبة 33% فقط.
ويبقى الهدف متمثلاً في عودة اللاجئين الطوعية إلى ديارهم في ميانمار، عندما تسمح لهم الظروف بالقيام بذلك بأمان وكرامة وبصورة مستدامة. وتعمل المفوضية مع سلطات ميانمار على تهيئة هذه الظروف في ولاية راخين. ولكن لا تزال هناك حاجة إلى إحراز تقدم كبير في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، بما في ذلك حرية التنقل والسلامة والطريق إلى الجنسية لجميع المجتمعات.
وفي غضون ذلك، هناك حاجة ملحة لمزيد من الدعم الدولي لزيادة المساعدات في بنغلاديش، وتحويلها من الدعم الإنساني والدعم اليومي البحت إلى معالجة متوسطة الأجل للتحديات، أي توفير سبل العيش والتعليم والتسجيل والبرامج للفئات الأكثر ضعفاً وهم الأطفال والنساء والمسنون.
وبالنسبة للمتطوعة في مجال الصحة المجتمعية كورشيدا، فإن فرصة الحصول على تعليم رسمي سيكون لها تأثير كبير: "نحن أشخاص مؤهلون. نريد تطوير تعليمنا بحيث تكون لدينا القدرة على التحدث عن أنفسنا".
تقرير بقلم كين شوم وروجر بيركس وفيكتور باسينتي في كوكس بازار، بنغلاديش.