بفضل مساهمة سخية قدمتها المملكة العربية السعودية، من خلال الصندوق السعودي للتنمية، تمّ توفير الإنارة بالطاقة المتجدّدة عن طريق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العاملة على تنفيذ المشروع بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أجل دعم المجتمعات اللبنانية وتعزيز قدرة التأقلم لدى كلٍّ من اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة. ويتم تنفيذ المشروع بالتنسيق الوثيق مع بلديات المنطقة، ويرمي إلى استهداف حوالي 90,000 شخص لبناني وسوري في أكثر من 15 بلدة.
وقد التقينا برئيس بلدية أكروم العكارية وعدد من سكان المنطقة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم. فأشار السيد محمد عدرا، رئيس البلدية إلى أن “أكروم هي بلدة حدودية مع سوريا. لهذا السبب، تستقطب عدداً كبيراً من العائلات اللاجئة. إنّ السكان سعداء جداً بأعمدة الإنارة العامة لأنها تحدِث فارقاً حقيقياً في حياتهم. فهي تشعرهم بقدرٍ أكبر من الأمان والثقة ممّا يسهل عليهم مغادرة منازلهم بعد حلول الظلام”.
على غرار سائر القرى والبلدات العكارية، تعاني أكروم من عدم انتظام التغذية وطول ساعات انقطاع التيار الكهربائي؛ في المقابل، تشكّل الطاقة الشمسية فيها وسيلة فعالة ومستدامة لتزويد السكان بمصدر معقول التكلفة ومستقل للكهرباء والطاقة. وقد أدّى استخدام أنظمة الطاقة المتجددة، مثل أنظمة الإنارة العامة وتسخين المياه بالطاقة الشمسية، إلى تخفيض نفقات الأسَر والبلديات مع ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين السوريين والمجتمعات اللبنانية المضيفة.
رامي هو لاجئ سوري في الرابعة والعشرين من العمر، وكان قد غادر منطقة القصير مع زوجته قبل عامين ونصف، ويعيش حالياً في بلدة كفرتون. يتحدث رامي عن أهمية تأمين الإنارة في البلدة ويقول: “إنّ الظلام دامس هنا في الليل وغالباً ما تكون الكهرباء مقطوعة. أما اليوم، ومع توفير أعمدة الإنارة في الشوارع، بات بإمكاني الذهاب إلى المسجد بعد حلول الظلام، كما أصبح بإمكان زوجتي الذهاب لشراء بعض الطعام للإفطار”.
تتحدث فاطمة عدرا، وهي امرأة لبنانية في الثانية والسبعين من عمرها وتعيش في أكروم منذ أكثر من 50 عاماً، عن هذا المشروع وتقول: “إنها المرة الأولى التي أرى فيها أعمدة إنارة على هذا الشكل. لم يكن لدينا في الماضي سوى مصابيح الغاز، غير أن الأمور اليوم قد تحسنت إلى حد كبير. على الرغم من أنني لا أبتعد كثيراً عن منزلي، إلا أنه بات بمقدوري التنزه على الأقل حول المنزل والجلوس على الشرفة بدلاً من البقاء في الداخل. أصبحنا نسمح للأطفال باللعب في الخارج من دون الخوف من أن تلسعهم أفعى أو تصدمهم سيارة”.
فاطمة هي أمّ لتسعة أبناء وبنات وجدة لـ32 حفيداً. تعيش مع أسر ثلاثة من أبنائها في بيتٍ واحد وتستمتع بقضاء سهراتها على شرفة المنزل، خاصة بعد وجبة الإفطار.
أما نعمة فهي واحدة من بنات فاطمة وهي تعيش معها في أكروم. تقول: “قبل إنارة الشوارع، كنت أشعر دائماً بالقلق عند خروج إبني البكر. أمّا اليوم، فأشعر بالأمان حتى عندما يتأخر في العودة إلى المنزل. خلال شهر رمضان، يصبح الناس أكثر نشاطاً بعد حلول الظلام. اعتدت على ملازمة البيت في الأعوام الماضية، أمّا هذا العام، فقد تمكنت من الخروج لزيارة جيراني والتسوق في المساء”.
تعيش نعمة مع والدتها في شقة على تلّة تتصل بالطريق الرئيسية للقرية عبر طريق فرعية زلقة وقصيرة. فمن الصعب جداً نزول التلة في الظلام وعبور الطريق الرئيسية. غير أن أعمدة الإنارة العامة التي تم تركيبها تنير كلتا الطريقين وتسهّل على نعمة وعائلتها التنقل في أرجاء القرية.
أما أنس، البالغ من العمر 14 عاماً، فهو واحد من أحفاد فاطمة. يلتقي بعد المدرسة بصديقيه فضل الله، 14 عاماً، ومحمد، 13 عاماً، لأداء الواجبات المدرسية ولعب كرة القدم. يقول أنس: “قبل تركيب أعمدة الإنارة العامة في قريتي كفرتون، كان علينا جميعاً انتظار التيار الكهربائي لكي نتمكن من الخروج واللعب. أما اليوم، فبات بمقدورنا الجلوس في الخارج للتحادث والدراسة ولعب كرة القدم. عمود الإنارة أشبه بمصباح كاشف ينير لنا الملعب”.
فضل الله هو من أصدقاء أنس المقربين، ويعيش أيضاً في كفرتون. يقول: “سأخضع للامتحانات الرسمية في العام المقبل وأنا أعلم أنني سأتمكن من الدراسة مع زملائي تحت عمود الإنارة إذ غالباً ما تكون الكهرباء مقطوعة في المنزل”.
إنّ فضل الله على معرفة تامّة بطريقة عمل أعمدة الشوارع على الطاقة الشمسية، حيث يقول: “أعرف كيف تعمل أعمدة الإنارة. فهي تستمدّ الطاقة الشمسية من نور الشمس، ولأننا نتمتع بأشعة شمس قوية في هذه المنطقة، فهي تزوّد الطاقة خلال النهار لاستخدامها لإنارة الشوارع في الليل”.
هذا ويتم تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية بالتنسيق الوثيق مع بلديات المنطقة. وقد استفاد منه حتى هذا التاريخ حوالي 30،000 شخص لبناني وسوري في أكثر من 14 بلدة.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر