بقلم أحمد محسن، ممثل المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین لدى دولة قطر.
بينما يحتفل العالم بيوم اللاجئ العالمي، نتذكر حياة أشخاص لا حصر لها عطلتها الصراعات والعنف والاضطهاد. في نهاية عام 2023، نزح قسراً ما يقدر بنحو 117.3 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وهو رقم هائل مستمر في الارتفاع. وبحلول نهاية أبريل 2024، وفقاً للبيانات العملية، تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن النزوح القسري قد تجاوز 120 مليوناً. هذا يعني أن واحدًا من كل 69 شخصًا في العالم، أو 1.5٪ من سكان العالم، قد نزحوا قسراً، وهذا الرقم يقارب ضعف المعدل الذي كان عليه قبل عقد من الزمن. هؤلاء الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة ديارهم بحثاً عن الأمان والكرامة والأمل.
في العام الماضي وحده، اندلعت صراعات جديدة بينما لا تزال الصراعات التي طال أمدها دون حل. على سبيل المثال، في السودان، اندلع الصراع في أبريل 2023، مما تسبب في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم. نزح قسراً أكثر من 6 ملايين شخص داخل البلاد، وفر 1.2 مليون آخرين إلى البلدان المجاورة. وبالمثل، تصاعد العنف في ميانمار بعد استيلاء الجيش على السلطة في فبراير 2023، مما أدى إلى نزوح أكثر من 1.3 مليون شخص. في فلسطين، تقدر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أنه بين أكتوبر وديسمبر 2023، نزح قسراً ما يصل إلى 1.7 مليون شخص، أي أكثر من 75٪ من السكان، بسبب الصراع في غزة، وقد اضطر البعض للفرار مرات عدة.
بلغ عدد اللاجئين على الصعيد العالمي 43.4 مليون في عام 2023، بزيادة 7٪ عن العام السابق. يشمل هذا العدد 31.6 مليون لاجئ وأشخاص في أوضاع شبيهة بوضع اللاجئين، و5.8 ملايين شخص آخرين يحتاجون إلى الحماية الدولية تحت ولاية المفوضية، و6 ملايين لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا. كانت أكبر نسبة من اللاجئين عالميًا من أفغانستان وسوريا، حيث بلغ عددهم 6.4 مليون لكل منهما. يبقى معظم اللاجئين بالقرب من بلدهم الأصلي، حيث تستضيف الدول المجاورة 69٪ منهم. تتحمل البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل العبء الأكبر، حيث تستضيف 75٪ من لاجئي العالم.
مع وصول عدد النازحين قسراً إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، يحتاج اللاجئون إلى تضامننا الآن أكثر من أي وقت مضى. التضامن يعني إبقاء أبوابنا مفتوحة والعمل معًا من أجل عالم يُرحب بهم. التضامن يعني أن نقدّر نقاط قوتهم وإنجازاتهم والتفكير في التحديات التي يواجهونها. وفوق كل شيء، التضامن مع الأشخاص المجبرين على الفرار يعني أيضاً إيجاد الحلول لمحنتهم.
في دولة قطر، أظهرت المنظمات والفاعلون في مجال العمل الخيري سخاءً لافتاً تجاه النازحين قسرًا. على مدار العقد الماضي، قدمت شراكات المفوضية مع حكومة قطر والمنظمات المحلية دعماً حيوياً لملايين اللاجئين والنازحين داخلياً، في مجالات متعددة بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والمأوى والمساعدة الأساسية والتمكين الاقتصادي.
تعد دولة قطر مثالاً ساطعاً على المسؤولية الجماعية التي تتحملها الأمم في دعم النازحين قسراً، وتقديم الفرص لهم لحياة كريمة ومستقبل أكثر إشراقًا. لتعزيز هذه المهمة، تعمل المفوضية على زيادة الشراكات الاستراتيجية، مثل تلك التي أُقيمت مع دولة قطر والجهات المحلية المختلفة، لتشجيع التضامن مع الدول والمجتمعات التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين. تلك الدول تحتاج إلى دعمنا الجماعي ومواردنا لإدارة هذه المسؤولية بفعالية.
على الرغم من قِصر السلام في جميع أنحاء العالم، يجب ألا نفقد الأمل. يدعونا يوم اللاجئ العالمي للاحتفال بقدرة اللاجئين على الصمود وإنجازاتهم. لا يتم تعريفهم فقط من خلال ظروفهم؛ بل يحملون الإبداع والمهارات والمؤهلات. أن تكون لاجئًا هو ظرف، وليس هوية. وبينما نحتفل باليوم العالمي للاجئين هذا العام، دعونا نقف معًا لتهيئة مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.
شارك على فيسبوك شارك على تويتر