بقلم خالد خلیفة، مستشار المفوض السامي للتمویل الإسلامي وممثل المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین لدى دول مجلس التعاون الخلیجي.
نحتفل في العشرین من یونیو من كل عام بالیوم العالمي للاجئین، وهو يوم حددته الأمم المتحدة لتكريم اللاجئين وتسليط الضوء على قصصهم الملهمة، ولطالما كانت المناسبة فرصة للتذكير بأهمية التضامن والتعاطف مع محنتهم ومساعدتهم على إعادة بناء حياتهم من خلال توفير فرص من شأنها أن تسهم في تحقيق آمالهم وطموحاتهم وتمكينهم من المساهمة في البلدان المضيفة لهم.
يحل يوم اللاجئين العالمي هذا العام في وقت وصل فيه عدد الأشخاص المهجرين بسبب الحروب والاضطهاد والعنف إلى مستوى قياسي بلغ 110 مليون شخص ما بين لاجئ ونازح داخلياً وطالب لجوء وغيرهم ممن هم بحاجة إلى الحماية الدولية، بحثًا عن الأمن والأمان، وھو رقم غیر مسبوق.
ولا تزال أزمة النزوح آخذة بالتفاقم بسبب امتداد الأزمات والصراعات في عدد من الدول كأفغانستان والسودان ودول أخرى، إلى جانب الأزمات التي طال أمدھا كأزمة اللاجئین الروھینغا والأزمة السوریة، بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن تغیر المناخ كموجة الجفاف التي تضرب منطقة الساحل والقرن الإفریقي ومناطق أخرى، مما یتطلب اھتمامًا عاجلًا وجھودًا متضافرة ومستدامة لمعالجة الأسباب الجذریة للنزوح القسري وتقدیم الدعم الشامل للمتضررین.
استجابة للحاجة الملحة والمتزایدة للمساعدات الإنسانیة، ومع تسارع النمو في مجال التمویل الإسلامي العالمي وقطاعات العمل الخیري، وظفت المفوضية عددا من أدوات التمويل الإسلامي، والتي من شأنها أن تعزز التضامن الاجتماعي ودعم الفئات الضعيفة وحشد الموارد للاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة.
لذلك، أطلقت المفوضیة عام 2017 برنامجًا تجریبیًا للزكاة مما أفضى في عام 2019 إلى إطلاق “صندوق الزكاة للاجئین” كآلیة توزیع موثوقة وعالیة الكفاءة ومتوافقة مع أحكام الزكاة، وتخضع إلى معايير حوكمة صارمة تضمن الشفافية المطلقة بدءاً من تسلّم المفوضية لأموال الزكاة والصدقات وانتهاءً بتوزيعها بنسبة 100 ٪ على المستحقين من اللاجئین والنازحین داخلیاً حول العالم. وقد ساعد صندوق الزكاة للاجئین التابع للمفوضیة أكثر من 6 ملایین شخص في 26 دولة منذ إنشائه. كما مكّن الصندوق اللاجئین والنازحین داخلیاً من التغلب على الصعوبات الاقتصادیة التي تفاقمت بسبب جائحة كورونا (كوفید- 19) من خلال تلبیة الاحتیاجات الأساسية كالمأوى والغذاء والرعایة الصحیة والتعلیم وسبل العیش وسداد الدیون.
في دولة قطر، أظھرت المنظمات والفاعلون في مجال العمل الخیري سخاءًا لافتاً تجاه اللاجئین والنازحین قسرًا من خلال التبرع بجزء من أموال الزكاة والصدقة عبرالمفوضیة. ولسعادة الشیخ ثاني بن عبد لله بن ثاني آل ثاني، الذي مُنح لقب المناصر البارز للمفوضیة، الدور الأبرز في مساعد ة اللاجئین والنازحین قسرًا. فمنذ عام 2019، دعم سعادة الشیخ ثاني بن عبد لله بن ثاني آل ثاني ما یقرب من 3 ملایین من النازحین قسرا ومن الأكثر ضعفا في بنغلادیش وتشاد ولبنان وباكستان والیمن. وبصفته أبرز مانح فردي للمفوضیة، كانت مساعدة سعادته بمثابة منارة أمل للملایین الذین یعولون على سخائه. وعلیه نود أن نعرب عن عمق امتناننا لسعادة الشیخ ثاني بن عبد لله بن ثاني آل ثاني لثقته التي لا تتزعزع في المفوضیة ولتفانیه في إحداث تأثیر دائم في حیاة النازحین قسرًا.
ومن بین المساھمین المھمین الآخرین لصندوق الزكاة للاجئین، تظل قطر الخیریة شریكًا ثابتاً للمفوضیة منذ عام 2012. فمن خلال دعمھا المستمر ومساھماتھا من الزكاة منذ عام 2018 ، ساعدت قطر الخیریة أكثر من 400,000 من النازحین قسرًا في العراق والأردن ولبنان والیمن. وفي وقت سابق من ھذا العام، وقعت المفوضیة وقطر الخیریة اتفاقیة للتعاون في العمل الخیري الإسلامي، مما یعزز التزامھما بتلبیة الاحتیاجات الملحة لأكثر من 300,000 نازح قسرًا في أفغانستان وبنغلادیش والیمن. وسیكون لھذا التعاون تأثیر كبیر على حیاة الأشخاص الأكثر ضعفاً.
كما قامت منظمات قطریة أخرى بتعزیز جھودھا لدعم اللاجئین من خلال صندوق الزكاة، بما في ذلك عید الخیریة التي ساعدت أكثر من ملیوني لاجئ في بنغلادیش والأردن ولبنان والصومال، بالإضافة إلى النازحین داخليا في العراق والیمن. كما قدم الھلال الأحمر القطري مساھمة سخیة لصندوق الزكاة للاجئین في وقت سابق من عام 2023 ، مكّنت المفوضیة من دعم أكثر من 82,000 یمني من النازحین داخلیا لتلبیة احتیاجاتھم الغذائیة الفوریة واحتیاجاتھم الأساسیة الأخرى. نعبر عن صادق امتناننا لھذه الشراكات المتینة.
من خلال توفیر بیئة آمنة وضمان الحصول على المساعدات النقدیة ومواد الإغاثة الأساسیة والتعلیم والرعایة الصحیة وفرص كسب العیش لأولئك الذین نزحوا بسبب النزاعات، یمكننا المساھمة في تحقیق حیاة كریمة لھم خارج أوطانھم وتوفیر مستقبل أفضل للجمیع. ولتحقیق ھذا الھدف، علینا زیادة الشراكات الاستراتیجیة مثل تلك التي أقمناھا مع دولة قطر والجھات القطریة المختلفة، وتعزیز الابتكار لتعظیم تأثیر العمل الخیري الإسلامي وتشجیع التمویل المستدام وتعزیز السیاسات التي تأخذ في الاعتبار دمج النازحین قسرًا وتمكینھم.
في الیوم العالمي للاجئین، وفي كل یوم من أیام العام، دعونا نتضامن لبناء مجتمع عالمي یوفر الأمل والفرص لأولئك الذین أجبروا على الفرار من دیارھم.
شارك على فيسبوك شارك على تويتر