عاش عبد المطلب وزوجته آمنة وأطفالهما حياة طبيعية في سوريا، وكانا يخططان سوياً لمستقبل عائلتهما. لكنهم- كالملايين من الأشخاص الآخرين- أُجبروا على الفرار من بلدتهم بمجرد وصول القتال إليها، ما أدى إلى تدمير ممتلكاتهم وتعريض حياتهم للخطر.
في عام 2013، فرّ عبد المطلب وآمنة وأطفالهما الثلاثة، ريهام ولمى ومحمد إلى لبنان، ولجؤوا إلى بلدة دميت في منطقة الشوف بجبل لبنان. وُلد أصغر أبنائهم أحمد، في لبنان، وهم يعيشون في منزل متواضع مكوّن من غرفتين وحديقة صغيرة حيث يمكن للأطفال ممارسة اللعب.
قامت آمنة وزوجها بتسجيل أطفالهما في المدرسة بعد وقت قصير من وصولهم إلى لبنان. كانوا مصرين على ضمان حصول أبنائهم على التعليم لمساعدتهم على اكتساب المهارات والأدوات اللازمة لعيش حياة أفضل.
قالت آمنة: “أنا مصممة على بقاء أطفالي في المدرسة. لا شيء سوى التعليم سوف يضمن لهم مستقبلًا أفضل.”
لكن عندما بدأ لبنان في مواجهة أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية وصحية غير مسبوقة، تغيرت حياة العديد من الأسر اللبنانية واللاجئة، ولم تكن أسرة عبد المطلب وآمنة استثناءً لذلك. ومع الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية والتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يستمر وضع اللاجئين السوريين في لبنان بالتدهور. حيث تعيش تسع أسر لاجئة من بين كل عشرة في فقر مدقع، ولم تعد هناك قدرة لديهم على تحمل تكاليف السلع والخدمات الضرورية التي تضمن مستويات المعيشة الأساسية، على الرغم من تقديم الدعم المتزايد.
على غرار غالبية الأسر السورية اللاجئة، اضطر عبد المطلب وآمنة لاتباع آليات سلبية من أجل التكيف، مثل اقتراض الأموال، وخفض النفقات الصحية، وتولي وظائف ذات رواتب زهيدة، والعمل لفترات إضافية. كان على الأسرة أيضًا التحول إلى المواقد الخشبية للتدفئة لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل تكلفة الوقود. علاوة على ذلك، ونتيجة لانخفاض قيمة العملة المحلية، قام صاحب العقار الذي تعيش فيه الأسرة بزيادة الإيجار، ما أثر بشكل كبير على قدرتهم على الإنفاق. يوضح عبد المطلب: “لا نشتري سوى المواد الغذائية الضرورية ذات فترة الصلاحية الطويلة، ونحد من استهلاك الطاقة لخفض فواتير المياه والكهرباء.”
يعد برنامج المفوضية للمساعدات النقدية متعددة الأغراض شريان حياة للاجئين في لبنان، حيث يساعد العائلات على تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الإيجار والطعام والأدوية، ويمكّنهم من المساهمة في الاقتصاد المحلي من خلال الشراء من الأسواق والمحلات التجارية المحلية. كما توفر المساعدة النقدية الشهرية للاجئين كرامة الاختيار في تلبية احتياجاتهم.
يقول عبد المطلب: “لولا المساعدة، لما كنا قادرين على دفع الإيجار، وكان سيتوجب علينا الانتقال من مكان إلى آخر”.
على الرغم من وضعهم المزري، لم يكن من الممكن للأسرة أن تتنازل عن تعليم أطفالها. فبعد عام ونصف من انقطاعهم عن الدراسة بسبب جائحة فيروس كورونا، عادت لمى وأخواها محمد وأحمد إلى المدرسة في خريف عام 2021، والتحقوا بمدرسة ميسورة التكلفة بسبب الدخل المحدود للأسرة. كما تخطط ريهام، البالغة من العمر 14 عامًا، للعودة إلى المدرسة قريبًا.
يحلم الأطفال بمستقبل أفضل، ويدركون أن التعليم هو المفتاح لتحقيق أهدافهم. تستمتع لمى بالمدرسة أكثر من غيرها، فهي تحب الرياضيات وترغب في أن تصبح معلمة رياضيات ذات يوم.
يعمل عبد المطلب بأجر يومي، وتمتد خبرته الحياتية في مختلف المجالات من البناء إلى الأعمال الزراعية وحتى الخبز، ويقبل أي وظيفة يجدها. أما آمنة، فهي تعمل كمدبرة منزل في البيوت المجاورة وفي مدرسة أطفالها لدعم الدخل المحدود للأسرة.
وأشار عبد المطلب إلى أنه “لولا المساعدة النقدية التي نتلقاها، لكان على أطفالنا ترك المدرسة، ما يعرض مستقبلهم للخطر.”
إن الدعم السخي الذي يقدمه صندوق قطر للتنمية لبرنامج المساعدات النقدية يمكّن المفوضية من مساعدة أكثر من 17,000 من اللاجئين السوريين الأكثر ضعفاً في لبنان. هذا الالتزام القوي بمساعدة اللاجئين والدعم الحيوي المقدم في وقت تتزايد فيه الاحتياجات بشكل مستمر يعني أن آلاف العائلات اللاجئة، مثل عبد المطلب وآمنة، يمكنها أن توفر المأوى الآمن والطعام لأطفالها ويمكنها الاستمرار في إرسالهم إلى المدرسة.
شارك على فيسبوك شارك على تويتر