بقلم/ خالد خليفة، مستشار المفوض السامي وممثل مفوضية اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي
يعرف أي شخص يشاهد مباريات كرة القدم مدى التشويق المصاحب لهذه الرياضة بما تحتويه من تنسيقات تكتيكية للعمل الجماعي والقدرات الفردية، إلى جانب التحكم والتركيز والتحمل وبالطبع السعادة المطلقة عند إحراز الأهداف.لا شك بأن كرة القدم رياضة عالمية تُمارس في كل مكان، من كأس العالم 2022 في قطر إلى أغلب أرجاء الكرة الأرضية.
هذه هي قوة الرياضة.
إنها تتمتع بالقدرة على توحيد الشعوب وإسعادهم وإحداث تغييرات إيجابية، سواء كان ذلك في البطولات العالمية، أو في المدن والبلدات، أو في المجتمعات التي تستضيف أشخاصاً وجدوا الأمان بعيدًا عن الحروب والصراعات والاضطهاد.
وبصفتي ممثلًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي، شهدتُ مدى قدرة الرياضة على إحداث التغيير الإيجابي في حياة اللاجئين، لا سيما الفتيات.
عندما تُجبر العائلات على الفرار – وخاصة الأطفال والشباب – فإنها تفقد الكثير. يفقد البعض منهم أحباءهم، ويتأثر بعضهم الآخر بالصدمات المرتبطة بالنزاع، كما يتحمل البعض الآخر الاستغلال وإساءة المعاملة. في هذا الإطار، تساعد الرياضة على استعادة الإحساس بالعودة إلى الحياة الطبيعية، وتمكين الشباب الذين مروا بالكثير من الاضطرابات وتوفير الفرص لهم. كما تمنح الصغار فرصةً ليمرحوا ببساطة ويمارسوا طفولتهم.
لهذا السبب أنا فخور للغاية بالمبادرة المشتركة بين مفوضية اللاجئين و”مؤسسة التعليم فوق الجميع”، بفضل الدعم السخي المقدم من صندوق قطر للتنمية وبالشراكة مع برنامج “الجيل المبهر” الذي تُشرف عليه اللجنة العليا للمشاريع والإرث. نحن نعمل معًا على تمكين الأطفال والشباب اللاجئين في تشاد وكينيا ورواندا وأوغندا، من خلال ما نسميه “الرياضة من أجل الحماية”.
لقد بدأت المشاريع بالفعل في تغيير حياة بعض الأشخاص. ففي مخيمَي مايل وكونوغو بشرق تشاد على سبيل المثال، تدرب 24 لاجئًا – من بينهم 16 شابة لاجئة – ليصبحوا منسقين للألعاب الرياضية، وهم يعملون في الوقت الحالي، بفضل المهارات الجديدة والثقة التي اكتسبوها، مع ما يقرب من 5000 طفل في سن الدراسة بمرحلة التعليم الأساسي، كما يشرفون على أنشطة لتعزيز إمكانية الوصول إلى التعليم الأساسي والاستمرار فيه وتشجيع المساواة بين الجنسين من خلال الرياضة.
تُخبرنا نجوى إسحاق، التي شاركت في البرنامج التدريبي، أنها نشأت وهي تعتقد أن الرياضة ليست للفتيات، وقالت: “في السابق، لم تكن الفتيات يمارسن الرياضة في المخيم لأن آباءنا كانوا يعتقدون أن الرياضة للأولاد فقط”. لكن مشاركتها في البرنامج ساهمت في تغيير وجهة نظرها وآراء الآخرين. فأضافت قائلة: “أقنعنا آباءنا في النهاية بأهمية الرياضة للفتيات”. كما أخبرَنا مشارك آخر أن توفير الألعاب الرياضية في المخيم تتيح فرصة اللعب لكل من الفتيان والفتيات، وتعزز المساواة بين الجنسين بشكل أكبر.
وبالإضافة إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي، تم تصميم أنشطة “الرياضة من أجل الحماية” الخاصة بالمفوضية لتجمع بين مختلف أعضاء المجتمع. فمن خلال العمل على تحقيق هدف مشترك، ينسى الشباب اختلافاتهم ويصقلون مهارات اجتماعية تُستخدم في نواحٍ أخرى من حياتهم. فقد أخبرنا أحد منسقي الألعاب الرياضية المشاركين: “يتجاوز العملُ على حماية الشباب من خلال ممارسة الرياضة المهاراتِ المكتسبةَ في ملعب كرة القدم وينطوي على تطوير علاقات الثقة بين الأبناء والآباء، وإشراك قادة المجتمع المحلي والمساعدة في تعزيز السياسة العامة المحلية.” كما تساعد كرة القدم على بناء جسور تواصل بين اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم.
تعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على توفير فرص رياضية كهذه للمجتمعات المتضررة من النزوح في جميع أنحاء العالم، وذلك باستخدام قوة الرياضة وتأثيرها لتعزيز الترابط بين الأشخاص وإحداث تغيير إيجابي دائم في حياتهم.
إذا كنت تخطط لمتابعة بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة هذا العام في قطر والاستمتاع بلحظات الفرح التي تجلبها هذه الرياضة الجميلة، فإني آمل أن تتذكر أيضاً الأطفال والعائلات الذين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب بسبب النزوح القسري.
لمزيد من المعلومات حول برامج الأنشطة الرياضية لمفوضية اللاجئين
شارك على فيسبوك شارك على تويتر