’حياة سعيدة يملؤها الحب’. هذا ما يتذكره محمود، البالغ من العمر 53 عاماً، عن نشأته في مدينة حمص في سوريا حيث مكث وعمل كسائق سيارة أجرة وكون أسرة مع زوجته وأنجبا سبعة أبناء. ولكن مع اشتداد حدة الصراع وتدهور الوضع الأمني قرب المنطقة التي كان يسكنها في عام 2013، أجبر وأسرته على ترك منزلهم والفرار إلى الأردن بحثاً عن الأمان.
واجهت محمود وعائلته تحديات وصعوبات عديدة عند انتقالهم في العامين الأولين، في ظل محاولتهم لإعادة بناء حياتهم في بلد جديد، وتسجيل أولادهم في المدرسة. ومنذ ذلك الحين، تدهورت أحوالهم أكثر فأكثر. بعد أن تم تشخيص زوجته بالسرطان عام 2015، وفارقت الحياة بعد خمسة أعوام من المعاناة مع المرض.
يشير محمود -الذي يعاني من إصابته بداء كرون، وهو أحد أمراض الأمعاء الالتهابية- إلى قلقه المستمر حول كيفية إعالة أسرته، فبعد أن تم تشخيص زوجته بالسرطان، اضطر ابنه محمد، 23 عاماً، لترك مقاعد الدراسة عندما كان في الصف العاشر ليساعد في نفقات عائلته حيث عمل في أحد المخابز.
“تجبرني الظروف على اتخاذ قرارات صعبة كل يوم. ما هي أولوياتي في الإنفاق؟ هل سأتمكن من شراء اللحوم هذا الأسبوع؟ إننا لم نتناول الدجاج طوال هذا الشهر.” يقول محمود.
على الرغم من زواج أكبر أبناء محمود الأربعة وتركهم منزل الأسرة، إلا أنه مازال يكافح من أجل تأمين تعليم أصغر أبنائه، نجيب، 10، وصبا 13، من خلال الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة.
تمكنت المفوضية بفضل المساهمة الكريمة المقدمة من صندوق قطر للتنمية من تقديم المساعدة النقدية لمحمود والبالغة 125 ديناراً أردنياً شهرياً (ما يعادل 176 دولاراً أمريكياً تقريباً) لمساعدته في تغطية التكاليف المعيشية لأسرته. تعد المساعدة النقدية الشهرية المقدمة من المفوضية أمراً بالغ الأهمية لمحمود وأبنائه.
“تعينني المساعدة النقدية الشهرية على سداد معظم قيمة الإيجار.” قال محمود. والأهم أنها تضمن لأبنائه إمكانية الحصول على التعليم الجيد من أجل مستقبل أفضل. “المساعدة النقدية تمنحني شعور الاستقرار، وتعني أن أطفالي مازالوا على مقاعد الدراسة ويمكنهم أن يعيشوا طفولة طبيعية إلى حد ما.”
مكّنت المساهمة المقدمة من صندوق قطر للتنمية المفوضية من تقديم المساعدات النقدية لأكثر من 2,600 أسرة سورية لاجئة في الأردن خلال شهري أبريل ومايو 2022، وساعدت أكثر من 10,600 لاجئ من الفئات الأكثر ضعفاً مثل محمود على تأمين احتياجاتهم الأساسية. سيؤدي غياب هذه المساعدات إلى سقوط العائلات في براثن الفقر أكثر فأكثر، وسوف يزيد من معاناتهم لتأمين احتياجاتهم الأكثر إلحاحاً.
يتوق محمود للعودة إلى بلده سوريا. وبالرغم من الصراع، يقول إنها مازالت في نظره “من أجمل بلاد العالم”. أما في الواقع، فإنه مازال قلقاً مما سيحمله له المستقبل. لقد أجرى خمس عمليات جراحية في العامين الأخيرين جراء إصابته بمرض كرون، ويخشى من احتياجه لإجراء المزيد من العمليات، الأمر الذي يشكل خطورة على صحته وبالتالي على استقرار أسرته.
ومع ذلك، مازال محمود يتأمل خيراً. ويشعر أنه من المحظوظين الذين يتلقون المساعدة النقدية من المفوضية التي تسمح له بمواصلة تقديم الرعاية لأطفاله من خلال تأمين المأوى لهم، والتأكد من حصولهم على التعليم الذي يستحقونه.
شارك على فيسبوك شارك على تويتر