بعد انفجار بيروت المروّع في 4 آب، لا يزال سكّان المدينة يواجهون تداعياته الأليمة. حاصداً أرواح ما يقارب الـ 200 شخصاً، أسقط الانفجار أكثر من 6500 جريحاً وألحق الضرر بحوالي 200 ألف منزلاً، تاركاً سكّان بيروت في حالةٍ من الضياع. ويواجه الكثير من الناجين من الانفجار اليوم أضرار جسدية ونفسيّة، […]
Fifty-five year-old Syrian refugee, Izzo Hammoudi, used to work at Beirut port until August 4 when the blast left him unemployed and with physical injuries. © UNHCR/Lamis Daoud
بعد انفجار بيروت المروّع في 4 آب، لا يزال سكّان المدينة يواجهون تداعياته الأليمة. حاصداً أرواح ما يقارب الـ 200 شخصاً، أسقط الانفجار أكثر من 6500 جريحاً وألحق الضرر بحوالي 200 ألف منزلاً، تاركاً سكّان بيروت في حالةٍ من الضياع. ويواجه الكثير من الناجين من الانفجار اليوم أضرار جسدية ونفسيّة، في حين أن البعض الآخر يواجه التشرّد من دون عمل، متمسّكاً ببعض الممتلكات التي استطاع إنقاذها.
وصل اللاجئ السوري عزّو حمّودي البالغ من العمر 55 عاماً وهو أبٌ لتسعة أولاد، إلى لبنان عام 2013، هرباً من الحرب في سوريا. تعيش عائلته في إحدى تجمّعات الخيم في البقاع، وهو استأجر شقّة صغيرة في منطقة الكرنتينا، قرب المرفأ حيث يعمل سائقاً لشاحنة إلى حين الانفجار في 4 آب.
يُخبر عزّو قصّته قائلاً: “كنت أستريح في منزلي بعدما أنهيت مناوبتي عندما سقطت جدران المنزل عليّ”. وُجد عزّو بين الركام ونُقل إلى أقرب مشفى. يتابع قائلاً: “عندما استيقظت من الغيبوبة في اليوم التالي، قيل لي أنني أًصبت بضربة قوية على رأسي ولديّ أكثر من 200 قطبة في ظهري فقط”.
خسر عزّو منزله في بيروت بكلّ محتوياته وانتقل منذ ذلك الحين للعيش مع عائلته في الخيمة في غزّة، البقاع الغربي. خسر أيضاً سيارته، مصدر رزقه وأثمن ممتلكاته. ويُخبر عزّو أنه صرف مدخّرات حياته كلّها لشراء السيارة التي باتت غير صالحة للسير، مركونة قرب تجمّع الخيم، حاملةً لائحة بتكاليف باهظة لإصلاحها.
يعتبر عزّو نفسه محظوظاً جداً كونه كان يعمل على الرغم من الأجر الزهيد، في وقتٍ ينازع اقتصاد البلد برمّته جرّاء الأزمة المالية وتفشّي الوباء المستمرّ. ويبقى همّه الوحيد، مثله مثل كلّ ربّ عائلة، تأمين العيش لأولاده. حتى مع أكثر من 200 قطبة في جسده، لا يزال عزّو مندفعاً إلى العمل لتحسين معيشته.
يقول: “أريد أن أسترجع قوّتي. ألمي وعذابي ليسا أكبر من عذاب إخوتي اللبنانيين في هذه الظروف الصعبة”. ويتابع: “إن كان جراء الانفجار أو الأزمة الاقتصادية، نتشارك جميعاً الألم نفسه”.
لم يحالف الحظ الكثير من اللاجئين السوريين كما حالف عزّو. فمنهم من خسر حياته، حياة من يحبّهم ومنهم من تعرّض لجروح بليغة. على الرغم من ذلك، سارع عدد كبير من اللاجئين للمساعدة في بيروت بعد الانفجار. أرادوا المساعدة بأي طريقة ممكنة، فأزالوا الركام والغبار من الطرقات، استضافوا لبنانيين في منازلهم ووزعوا الطعام عليهم. يقول اللاجئ السوري محمد حاج خميس: “نقف يداً بيد مع اللبنانيين لرفع هذه الغيمة السوداء عن بيروت”.
وقد عبّر آخرون عن حبّهم للبنان من خلال الفن. رسمت قمر خنقان ما اعتبرته لحظةً مؤثّرة: صورة ممرّضة تحتضن ثلاثة أطفال رضّع في قسم الولادة المدمّر جرّاء الانفجار. تقول قمر: “بالنسبة إليّ، تمثّل الممرضة البطلة بيروت المتلهّفة لاحتضان أبنائها الضعفاء في أوقات الحاجة”.
فعّلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين استجابتها للطوارئ بعد الانفجار لمساعدة أكثر المتضررين من اللبنانيين، اللاجئين وآخرين. وقد خُصّص مبلغ 35 مليون دولار للأكثر تضرراً وللمنازل الأكثر دماراً في بيروت، 32،5 مليون دولار منها خُصّص للإيواء ولتصليح المنازل. أما مبلغ الـ2،5 مليون دولار المتبقي فقد خُصّص لأنشطة الحماية والدعم النفسي الاجتماعي للمساعدة في تخطّي الصدمة والتعامل مع مشاعر فقدان الأحبّة.
بعد مرور أكثر من 9 سنوات على اندلاع الحرب في سوريا، لجأ مئات آلاف السوريون إلى لبنان. منذ ذلك الوقت، تدهورت الشروط المعيشية في البلد المضيف، نتيجة الموارد المنهكة والأزمة الاقتصادية التي أدّت إلى تدنّي قيمة العملة الوطنية والتضخّم المفرط. وقد زاد الانفجار الأخير في بيروت ضغطاً إضافياً على الشعب المنهك والضعيف.
ولكنّ، عزّو لا يزال متأملاً. “سنتخطّى هذه الأوقات الصعبة، بإذن الله، وكذلك سيفعل اللبنانيون”.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر