تسهل المفوضية تنقل العمالة وتساعد في تشبيك اللاجئين مع فرص عمل خارج الأردن.
بينمل يتجول محمد دانيال، اللاجئ السوري البالغ من العمر 25 عامًا، في شوارع عمان، يحلم دائمًا بمسيرة مهنية في مجال التكنولوجيا، و رغم بُعد هذا الحلم بسبب قيود سوق العمل التي تحد من وصول اللاجئين إلى قطاعات معينة، إلا أنه صمم على عزيمته و طموحه.
اليوم، يتجول دانيال شوارع بلفاست في أيرلندا الشمالية، بعد حصوله على وظيفة لدى ديلويت، شبكة الخدمات المهنية العالمية التي تعتبر واحدة من أكبر أربع شركات محاسبة في العالم.
دانيال هو واحد مما يقارب 100 لاجئ في الأردن الذين غادروا عن طريق مسارات العمل في السنوات الأخيرة، منهم حوالي 40 غادروا خلال العام 2023: وقد شهد العام الأخير أيضاً زيادة في عروض العمل مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يخضع أكثر من 70 لاجئاً حالياً لإجراءات التأشيرة للحصول على فرص عمل في كندا والمملكة المتحدة وأستراليا وبلجيكا وأيرلندا.
الكثير منهم سوريين – مثل دانيال – الذين لجأوا إلى الأردن بعد اندلاع الأزمة. وعلى الرغم من عدم وجود استقرار في حياته الجديدة كلاجئ، وجد دانيال هدفه في التعليم، وواصل دراسته بحصوله على منحة “دافي” في جامعة الزرقاء، حيث تخصص في علوم الحاسوب، المجال الذي يستهويه منذ الطفولة.
“كنت مصمماً على العمل وعلى تطوير نفسي. تعلمت اللغة الإنجليزية بنفسي من خلال الذهاب إلى ملتقى تبادل اللغة. بعد تخرجي، انضممت إلى “باز”، أول منصة تواصل اجتماعي عربية، كعالم بيانات، وهذا ساعدني على صقل شخصيتي ومهاراتي.” يقول دانيال.
كانت نقطة التحول في حياة دانيال في عام 2023، عند تلقيه اتصال من منظمة مواهب بلا حدود لإجراء مقابلة، وبعد ثلاثة أشهر، تمكن دانيال من تأمين وظيفة في شركة ديلويت بالمملكة المتحدة بفضل مسارات تنقل العمالة.
فرص تنقل العمالة هي طرق آمنة ومنظمة تسمح للاجئين المؤهلين بالدخول والإقامة في بلد ثالث للعمل بناءًا على عرض عمل رسمي أو لسد نقص معين في العمالة، حيث يتم تلبية احتياجات الحماية الدولية الخاصة بهم.
عقدت المفوضية شراكة مع منظمة مواهب بلا حدود لزيادة وصول اللاجئين من الأردن إلى فرص العمل في الخارج. تقوم المفوضية في الأردن بمسح مهارات اللاجئين، وتشبيك المرشحين مع الشركاء الذين يقدمون فرص التطوير المهني، كما تدعم اللاجئين في نشر المعلومات الدقيقة ضمن المجتمعات.
تعمل المفوضية على تنسيق شبكة من الشركاء في الأردن الذين يمكنهم دعم اللاجئين من خلال إكتساب مهارات اللغة الإنجليزية، والتحضير للتوظيف الدولي، ومهارات المقابلات وإعداد السيرة الذاتية، بالإضافة إلى الوصول إلى التكنولوجيا لتسهيل وصولهم إلى فرص العمل بشكل أفضل. وقد سجل الآلاف من اللاجئين الموهوبين في “دليل المواهب” العالمي الخاص بمنظمة مواهب بلا حدود، مما أدى إلى توافر مجموعة من المرشحين على أعلى درجات الكفاءة من الأردن.
و تعمل منظمة مواهب بلا حدود بشكل مباشر مع الحكومات لتصميم برامج الهجرة التي يمكن للاجئين الوصول إليها، وتلعب دورًا حاسمًا في رحلة كل مرشح، ليس فقط من خلال مطابقتهم ومهاراتهم مع عروض العمل ولكن أيضًا من خلال دعمهم خلال الهجرة والانتقال.
“مرحلة الانتقال هي مزيج من المشاعر الحماسية والمقلقة. مغادرة الأردن، المكان الذي كان بيتي على مدى السنوات العشر الماضية، أمر جميل ولكن محزن في نفس الوقت، ولكن الفرصة التي تنتظرني هي حلم يتحقق،” يضيف دانيال.
لم تكن الأموردائمًا وردية لدانيال، فلفترة طويلة، واجه صعوبة في العثور على عمل، وفي كثير من الأحيان تم رفض طلبات توظيفه في الأردن، على الرغم من مطابقته المتطلبات، كما يتذكر.
“العمل في ديلويت ليس مجرد وظيفة، بل هو فرصة بالنسبة لي للتطور والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع ككل ومجتمع اللاجئين،” يقول دانيال.
يطمح دانيال إلى مواصلة تعليمه والتطور في حياته المهنية، حيث إنه ملتزم بدعم أسرته ليضمن حصول إخوته على التعليم، فهمو المعيل لعائلته في الأردن.
“العمل في ديلويت ليس مجرد وظيفة، بل هو فرصة بالنسبة لي للتطور والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع ككل ومجتمع اللاجئين،” يقول دانيال.
و يقول كريستوفر ميرفي، مسؤول إعادة التوطين والمسارات التكميلية لدى المفوضية في الأردن: “بالتعاون مع شركاء مثل منظمة مواهب بلا حدود، نحن نتطلع لدعم اللاجئين ذوي المهارة، مثل دانيال، للوصول إلى هذه الحلول على نطاق أوسع”.
يوضح ميرفي أن الآلاف من اللاجئين يمتلكون المهارات والمؤهلات التعليمية المطلوبة في القطاعات الأكثر طلبًا عالميًا مثل الرعاية الصحية والبناء وتكنولوجيا المعلومات والهندسة.
يعمل دانيال حاليًا كمهندس برمجيات تحليلي في بلفاست، حيث تمكن من التكيف بشكل جيد، بفضل عزيمته وبيئة العمل الترحيبية في ديلويت. “ثقافة العمل هنا ديناميكية وداعمة للغاية. فهي بيئة تشجع على التعلم والنمو”، يوضح دانيال.
و يقول: “العيش في مكان جديد بثقافة مختلفة، سواء على الصعيد الاجتماعي أو المهني، كان مزيجًا من الحماس والتحدي، لكن كل خطوة كانت تستحق العناء.”
يوافقه الرأي صاحب العمل: “الفريق متحمس للعمل مع دانيال”، يقول ستيرلينغ مكوي، مدير في شركة ديلويت في المملكة المتحدة، “أعتقد أنه سيجلب طريقة تفكير وخبرة مختلفة إلى الفريق”.
و يذكر مكوي أن ديلويت تشجع دائمًا على تنوع الآراء ووجهات النظر وأنواع الخبرات لتعزيز الشمولية والتنوع، “نحن نبحث دائمًا عن مصادر مختلفة للقدرات”، كما يوضح.
مشاركة على فيسبوك مشاركة على تويتر