في ظل مواجهة جائحة كورونا، أصبحت المجتمعات تنمو بشكل أقوى معاً

قامت لجان الدعم المجتمعي التابعة للمفوضية واللتي تُدار من قبل بعضاً من اللاجئين ومتطوعين أردنيين، وبمساعدة المجتمع المحلي في جنوب الأردن على التعامل مع آثار الأزمة.

قامت لجان الدعم المجتمعي التابعة للمفوضية واللتي تُدار من قبل بعضاً من اللاجئين ومتطوعين أردنيين، وبمساعدة المجتمع المحلي في جنوب الأردن على التعامل مع آثار الأزمة.

يُعتبر جنوب الأردن منطقة صحراوية تضمّ جبالاً وبحر، من وادي رم والبتراء وصولاً إلى العقبة، وهي معالم ووجهات ذات شهرة عالمية، بحيث يأتي السياح لقضاء إجازاتهم في الاستمتاع بهذه المناطق. وبالتالي، لا يدرك الكثيرون بأن الجنوب يستضيف لاجئين، وذلك لمقارنةً مع محافظات شمال المملكة كونها تلتقي مع الحدود السورية. مع مرور 10 سنوات على الأزمة السورية، ما زال المزيد من اللاجئين يواصلون اختيار البلدات الصغيرة في الجنوب كوجهة لبناء حياتهم ليقطنوا بها.

يسكن محافظات الكرك والطفيلة ومعان والعقبة قرابة 25000 لاجئ مسجّل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، معظمهم من الجنسية السورية، بينما عدد أقل منهم من الجنسية اليمنية أو السودانية. تشير براءة، وهي إحدى متطوعي لجان الدعم المجتمعي في الطفيلة، بأن بعد عام من وصولهم إلى الأردن في عام 2013، قررت أسرتها الانتقال إلى محافظة معان، بسبب قرب العادات والتقاليد مع تلك التي اعتادوا عليها في سوريا.

“شعرت بأنه يوجد انسجاماً هنا، شعرت بالاندماج، وهذا قد خفف من الوحدة والحنين إلى الوطن.”

بالرغم من ذلك، تقول براءة أن أعداد اللاجئين الذين يقطنون في المنطقة أقل من تلك في محافظة إربد والمفرق، ونظراً لهذه القلة في العدد، فلا وجود للعديد من المنظمات الإنسانية العاملة لدعم اللاجئين. كما وتشير إلى أن هذه أحد الأسباب التي دفعتها للإنضمام للجنة الدعم المجتمعي التابعة للمفوضية.

تدعم المفوضية 23 لجنة دعم مجتمعي في جميع أنحاء المملكة، منها في محافظة الكرك ومعان والطفيلة والعقبة. تُدار جميع اللجان من خلال متطوعين أردنيين ولاجئين، وذلك بالتعاون مع الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية “جهد”. يتمثل الدور الرئيسي للجان الدعم وخدمة المجتمع في تعزيز الحماية بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، وذلك من خلال المشاركة المجتمعية والمساهمة في التعايش السلمي والتماسك الإجتماعي ودعم الأسر الأكثر ضعفاً.

قبل جائحة كورونا، كانت جميع أنشطة لجان الدعم المجتمعي تُعقد في المراكز المجتمعية، ومن ضمن هذه الأنشطة تقديم دروس اللغة الإنجليزية ودورات لتمكين المرأة وبعض من الدورات التدريبية التي تساعد على كسب العيش. خلال الأشهر الثمانية الماضية، وبسبب الجائحة، تحوّل انعقاد معظم تلك الأنشطة لتُصبح عن بُعد، أي عبر الاتصال المرئي.

تتلقى براءة وهي جالسة في منزلها في الطفيلة مكالمات هاتفية من لاجئين يطلبون المساعدة لخدمات مختلفة، منها ما يتعلق بالرعاية الصحية أو المساعدات النقدية أو تجديد وثائق اللجوء الصادرة عن المفوضية. 

تقول براءة: “لقد كان تحدياً بالتأكيد، أي تلقيت مكالمات من اللاجئين في الأشهر القليلة الماضية أكثر من أي وقت مضى. وبسبب فيروس كورونا، توقفت أعمال الكثير من الأشخاص بحيث كانوا يتصلون بي باحثين عن دعم.”

كما وأثرت جائحة كورونا على الصحة النفسية للاجئيين، بحيث مثل مصدر قلق رئيسي لهم، وأصبح التفاعل المباشر مع متطوعي لجان الدعم المجتمعي جزءاً أساسياً من الاستجابة وذلك لعدم توفر دعم طبي فوري في المناطق النائية.

للمتطوعين المجتمعيين مثل براءة، يتمثل أحد الأدوار الرئيسية في العمل كجسر تواصل بين المفوضية ومجتمعات اللاجئين وجمع المعلومات حول المخاوف المتعلقة بالحماية وإحالة الأسر الضعيفة التي تحتاج الدعم بشكلٍ خاص.  

نور تطمأن على جيرانها، أسرة سورية لاجئة التي ساعدتهم نور في العثور على مسكن لهم في محافظة معان – الأردن.

نور وبكر متطوعان مجتمعيان آخرين في معان والكرك، يؤكدان على أقوال براءة بأن جائحة كورونا لها آثر مدمّر على اللاجئين والمجتمع المحلي الأردني على حد سواء. تمازح نور بأنها أصبحت الآن وكيل عقارات بالإضافة إلى مهامها كمتطوعة مجتمعية.

“لقد كنت أساعد اللاجئين باستمرار في العثور على أماكن جديدة للعيش فيها عندما كان يتم إخلائهم من منازلهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار”.

بالرغم من جميع التحديات، أكّد الجميع أنه أصبح الترابط المجتمعي متماسك وأقوى في غضون أزمة فيروس كورونا.

LEC_8051

يزور بكر أم عزباء وأطفالها الخمسة في منزلهما في الكرك – الأردن.

DSC_8032

يزور بكر أم عزباء وأطفالها الخمسة في منزلهما في الكرك – الأردن.

LEC_8084

يلعب بكر مع أطفال لاجئيين وأردنيين في الشارع بالقرب من منزله في الكرك – الأردن.

يقول بكر: “لا يهمّ من أين أتيت، سواءً أكنت أردنياً أو سورياً، إذا لم يكن لديك ما يكفي من المال في يومٍ ما لشراء احتياجاتك من البقالة، فإن أحد الجيران يقوم بتحضير وجبة ومشاركتها معك. وإذا كنت بحاجة لشخصٍ ما لإيصالك إلى مستشفى في حالةٍ طارئة، فسيكون هنالك دائماً شخص لتعتمد عليه”.