يُقال إن الغناء الحلبي من أكثر الأنواع تتطلباً ليتمكن المغني من إتقانه، ومع ذلك قرر عامر وبشير خوض هذه التجربة.
“شيوخ وسلاطين الطرب”، إسم فرقة قد يكون مألوفاً للكثيرين حول الوطن العربي، وخاصة بين أولئك الذين يهوون الغناء الحلبي. ففي عام 2003، قرر عامر عجمي وصديقه بشير تشكيل هذه الفرقة مع عدد من الأصدقاء من حلب الذين كانوا يعملون في المجال الموسيقي. يُقال إن الغناء الحلبي من أكثر الأنواع تتطلباً ليتمكن المغني من إتقانه، ومع ذلك قرر عامر وبشير خوض هذه التجربة.
يستوحي عامر من أيقونات الفن الحلبي مثل الأستاذ صباح فخري الذي نجح في نشر هذا اللون الموسيقي في جميع أنحاء العالم العربي، وتلقى عامر تعليمه في معهد حلب للموسيقى، ثم انتقل لتلقي دروس مع أستاذ موسيقي متخصص وشهير.
قد يكون عامر واحد من آلاف اللاجئين السوريين الذين فروا من منازلهم بحثاً عن الأمان في الأردن ويتوقون إلى تحقيق أحلام بدأت معهم في وطنهم. إلا أن بالنسبة لعامر، لم تتوقف الحياة عندما غادر وطنه، وقد أصر على تحقيق هدفه في بناء فرقة ناجحة.
انطلقت مسيرة الفرقة من المهرجانات المحلية في سوريا قبل انتقالها للأداء في شتى أنحاء العالم العربي. فمن تونس إلى الأردن، ومن المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة ولبنان ، لمعت فرقة “شيوخ وسلاطين الطرب” في مهرجانات كبرى مثل مهرجان سوسة الدولي (تونس) عام 2003 ومهرجان جرش للثقافة والفنون (الأردن) في 2004. وبعد مرور سنوات على نجاح فرقته، تمكن عامر أيضاً من الدخول في شراكة مع مطعم ومنتجع سياحي في جرش، والتي تبعد 48 كيلومتراً شمالي العاصمة الأردنية عمّان، وذلك ما بين عامي 2010 و 2012، مما منح فرقته منصة لعرض مواهبهم بشكل منتظم، ونظراً للقرب الجغرافي بين سوريا والأردن.
2012 – سنة غيرت مسار حياة ملايين السوريين إلى الأبد، بمن فيهم عامر. عام بدأ فيه النزاع في سوريا واضطر عامر إلى الفرار من مسقط رأسه مخلّفاً وراءه فرقته الموسيقية وطموحاته لإنقاذ أسرته المكونة من زوجته وأطفاله الثلاثة. ومع ذلك، لم تكن في التوقعات أي من التحديات المختلفة التي واجهها في الانتقال من كونه فناناً إلى طالب لجوء.
“حاولت التغلب على التحديات التي واجهتها من خلال الموسيقى”.
بعد وصوله إلى الأردن، بات عامر مصمّماً على مواصلة الغناء، حيث تمكن من تأمين فرص للأداء في مطاعم محلية وحفلات زفاف عدة، ليُأمّن دخل متواضع حتى يستطيع إعالة أسرته. يستذكر قائلاً: “لم يكن الأمر سهلاً، لأنه لم يكن هنالك ضمانات للعثور على الفرص في عمّان”. لكن عامر، بخبرته ومعرفته باللون الموسيقى الحلبي ومن خلال معارفه في مدينة جرش، تمكن من التعاقد كمغني في نفس المطعم السياحي الذي عمل به قبل اللجوء.
كان على دراية بمدينة جرش، حيث سبق له أن شارك في مهرجانها أيضاً، إلا أن هذه المرة كان مختلفة. توجب عليه البحث عن مواهب جديدة لتشكيل فرقته المكونة في الغالب من أردنيين، وذلك دون شريكه بشير المقيم حالياً في تونس. أضاف عامر: “أهدف إلى الحفاظ على اللون الحلبي وإبقائه على قيد الحياة ونقله إلى الأجيال القادمة”.
ومثل أي شخص آخر، عندما بدأت جائحة كورونا في عام 2020، تأثر عمل عامر مع الانقطاع التام للأحداث والمهرجانات في الأردن. نتيجة لذلك، كان عامر وأسرته يعتمدون على المساعدات النقدية الطارئة التي قدمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفي النهاية، عندما بدأت الحياة بالعودة التدريجية، حاول عامر القيام بعدة وظائف مؤقتة لتلبية احتياجات أسرته الأساسية، بدءاً من تسويق أطعمة سورية إلى الصابون الحلبي.
“عندما تشهد الأحداث التي وقعت قبل الوباء، تتعلم كيفية التكيّف مع أي تغييرات مستقبلية”.
حالياً، يطربنا عامر في مطاعم محلية في مدينتي عمّان والفحيص. إلا أنه وبسبب المصاعب الاقتصادية ما بعد جائحة كورونا، اضطر عامر إلى الاقتراض من معارفه ليتمكن من تأمين حياة كريمة لأسرته، وأصبحت تكاليف المعيشة ثقيلة للغاية بحيث لا يمكن تحمّلها. ومع ذلك، فلا يزال يأمل في العثور على المنصة المناسبة التي تمكّنه من إعادة تقديم نفسه للجمهور وإيصال موهبته وإضافة لمسته الشخصية في هذا اللون من الفن، مما يمكّنه من تحويل شغفه إلى مصدر دخل آمن والعيش الكريم له ولأسرته. ينهي عامر قائلاً “من جدّ وجد، وفي نهاية المطاف سأجد الثمار”.
مشاركة على فيسبوك مشاركة على تويتر