محمود وشقيقته الصغرى خلوة يدرسان معًا استعدادًا لليوم التالي. © حقوق النشر محفوظة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين /حمزة المومني
بينما يسير محمود إلى المدرسة كل صباح، يتذكر مسارًا آخر كان يمكن أن يسلكه في حياته. مسار كان سيعمل فيه في مجال البناء بدلاً من أن يولي تعليمه الأولوية.
وصل محمود، الذي يبلغ من العمر الآن 16 عامًا، إلى إقليم كردستان العراق عندما كان طفلًا بعد أن فرت عائلته من سوريا في عام 2019. بينما كان والده يعمل بلا كلل لتوفير احتياجات الأسرة، لقد تحطم استقرارهم عندما تم تشخيص إصابته بالسرطان. بحلول عام 2022،، وبعد سنوات من الصراع مع المرض، توفي والد محمود، مما ترك الأسرة في أزمة مالية وأجبر محمود على ترك المدرسة.
تقول والدته ديلشان: “كان على محمود أن يغير دوره في سن مبكرة من كونه الأخ الأكبر إلى أن يصبح أحد الركائز لدعم الأسرة. كان ذلك غير عادل بالنسبة لسنه”.
على مدار العامين الماضيين، عمل محمود كعامل يومي في مواقع البناء، وتحمل أيامًا طويلة ومرهقة لمساعدة أسرته على البقاء. يقول محمود: “كان العمل شاقًا، لكنني كنت أفكر دائمًا في عائلتي”.
مع ذلك، تدخلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا العام لدعمه. تم التعرف على محمود كطالب متسرب من الدراسة من خلال جهود التواصل التي نفذتها شريكة المفوضية، منظمة حماية الأطفال – كوردستان، الذين تحدثوا مع عائلته لتأكيد أهمية التعليم.
كان أحد أكبر مخاوف محمود بشأن العودة إلى المدرسة هو مدى تأخره عن زملائه في الصف أثناء فترة وجوده خارج الفصل الدراسي. ومع ذلك، فإن دروس التعويض والدعم التعليمي المقدم من شريك المفوضية، “إنترسوس”،اعطته الأدوات التي كان بحاجة إليها لسد هذه الفجوة. وبمساعدتهم، نجح محمود في اجتياز امتحانات الصف الثامن وتمكن من إعادة التسجيل في الصف التاسع دون أن يفقد عامًا من تقدمه.
يقول محمود: “لقد أعادوا إليّ إيماني بالتعليم. رحب بي أصدقائي ومعلمي بابتسامات دافئة، وعرفت أن هذا هو المكان الذي أنتمي إليه”.
محمود يقوم بالدراسة استعدادًا لليوم التالي. © حقوق النشر محفوظة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين /حمزة المومني
يعد هذا الدعم التعليمي أمرًا بالغ الأهمية لحماية الأطفال المعرضين لخطر متزايد. من خلال التمويل من الجهات المانحة مثل كندا، تمكنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها من دعم أكثر من 18,000 طفل لاجئ في عام 2024 من خلال برامج مماثلة لتعزيز الوصول إلى التعليم وحماية الأطفال من خلال الدعم النفسي الاجتماعي، ودروس تربية الاطفال، وأنشطة التوعية حول أهمية التعليم.
نورهان، الطفلة اللاجئة البالغة من العمر 9 سنوات، هي مثال آخر على ذلك. نشأت نورهان في سوريا، وفرت عائلتها إلى كردستان في عام 2013. عندما انتقلوا إلى منزل جديد، كانت أقرب مدرسة بعيدة جدًا، ولم يستطيعوا تحمل تكاليف النقل. وهذا يعني أن نورهان كانت مضطرة لتفويت الفصل الدراسي الأول من الصف الثاني، وهي لحظة محزنة للفتاة الصغيرة التي أحبت المدرسة أكثر من أي شيء آخر.
تقول نورهان: “عندما سألني أصدقائي عن سبب عدم ذهابي إلى المدرسة، كان الأمر محزنًا للغاية. المدرسة هي المكان المفضل لدي في العالم”.
عادت نورهان إلى المدرسة وتدرس في المنزل مع شقيقها علي. © حقوق النشر محفوظة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين /حمزة المومني
بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، عملت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشريتكها منظمة إنترسوس على إيجاد حل لنورهان لحضور مدرسة أقرب إلى منزلها، مما سمح لها باستئناف تعليمها دون عبء تكاليف النقل.
بالنسبة لنورهان، فإن العودة إلى المدرسة تعني لم شملها مع صديقتها المقربة ليا، واستئناف مادتها المفضلة، الرياضيات. وهي تحلم الآن بأن تصبح طبيبة.
تشعر أسرتا محمود ونورهان الآن بإحساس متجدد بالأمل .محمود، الذي يحلم بأن يصبح محاميًا، مصمم على أن يكون قدوة لأشقائه الأصغر اذ يقول: “المدرسة ليست مجرد مكان – إنها مستقبلي”.
تشعر والدة نورهان، أم علي، بنفس الشعور. “المكان الوحيد الذي يمكن لأطفالي أن يكون لهم مستقبل فيه هو المدرسة. إن مشاهدة نورهان سعيدة وتتعلم يجعلني أؤمن بأيام أفضل قادمة”.
ساهمت ليلي كارلايل في إعداد هذا التقرير.
Share on Facebook Share on Twitter