تتنقل كاوي حاجي، البالغة من العمر 42 عامًا، حول الخيمة المؤقتة التي تسميها منزلها في مخيم خانكي للنازحين داخليًا في دهوك في شمال العراق. وقبل عقد من الزمان، فرّت هي وعائلتها من سنجار في محافظة نينوى العراقية، حيث عانى السكان اليزيديون من الفظائع على أيدي مسلحي داعش.
وتتذكر كاوي ما عاشوه قائلةً: “كانت هناك حالة عارمة من الفوضى، اضطررنا حينها إلى ترك منزلنا وجميع ممتلكاتنا بما في ذلك وثائق هويتنا بحثًا عن الأمان، ولم ندرك مدى تأثير هذه الخسارة على حياتنا إلا عندما وصلنا إلى المخيم”.
وللأسف فقد العديد من العراقيين، مثل كاوي وغيرها، وثائقهم المدنية أو انتهت صلاحيتها أو تعرّضت للتلف أثناء فرارهم من العنف والاضطهاد، وربما لم يتمكن العديد من الحصول على مثل هذه الوثائق أبدًا بسبب العوائق الإدارية والاجتماعية والاقتصادية. وبدون هذه الوثائق، يواجه العراقيون تحديات كبيرة عند تسجيل أطفالهم في المدارس، أو الحصول على الرعاية الطبية أو التقدم بطلب للحصول على دعم الضمان الاجتماعي.
وتقول كاوي، التي عانت من هذه التحديات بشكل مباشر: “بدون امتلاك أي وثائق، لا يمكنك الحصول على حقوقك”.
وبسبب النزوح، كافحت كاوي للحصول على شهادات ميلاد أو وثائق هوية أخرى لطفليها الأصغر سنًا، ونتيجةً لذلك، تم رفض تسجيلهما في المدرسة واضطر أطفالها الأكبر سنًا إلى ترك الدراسة. وتقول كاوي، وهي تستذكر معاناتها مع الأنظمة الإدارية والقانونية المعقدة في البلاد فضلًا عن تحمل التكاليف المرتبطة بذلك: “كنت في حيرة من أمري بشأن كيفية التعامل مع طلبات الحصول على وثائق مدنية لأطفالي”.
وللتغلب على هذه التحديات، لجأت كاوي إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي قدمت لها بالتعاون مع شريكها هاريكار، الاستشارة القانونية وساعدتها في جمع الوثائق المطلوبة لإثبات هويتها وهوية أطفالها، الأمر الذي تطلب شهورًا من المتابعة مع مختلف الكيانات القانونية في سنجار ودهوك للحصول على وثائق داعمة.
واليوم، تحمل كاوي بفخر شهادة جنسيتها الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية العراقية، والتي ستسمح لها بالتوجه إلى المستشفى التي وُلد فيها أطفالها للحصول على شهادات ميلادهم، ويجب حصول العراقيين على هذه الوثائق حتى يتمكنوا من التقدم بطلب للحصول على الهوية الوطنية الموحدة.
ومنذ عام 2019، عملت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشكل وثيق مع حكومة العراق لدعم اللاجئين والنازحين داخليًا وغيرهم من العراقيين غير النازحين المعرضين للخطر في الحصول على الوثائق المدنية الأساسية. وفي السنوات الخمس الماضية، تلقى 244000 فرد مساعدة قانونية وتم إصدار أكثر من 233000 وثيقة مدنية كنتيجة مباشرة لخدمات المساعدة القانونية التي قدمتها المفوضية وشركاؤها.
وقد تم تحقيق هذه الإنجازات بفضل التمويل الذي قدمته فرنسا، مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية، وهولندا من خلال شراكة “آفاق” للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق. ومع تقدم العراق نحو الاستقرار واقترابه من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كان لا بد من دعم المجتمع الدولي لتعزيز قدرة حكومة العراق على حماية ومساعدة السكان النازحين، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بمعالجة متطلبات استخراج الوثائق المدنية.
وتقول كاوي، وهي مليئة بالأمل المتجدد في تأمين مستقبل أكثر إشراقًا لأطفالها: “قريبًا، سيكون لدينا كل ما نحتاجه للتمتع بحقوقنا”.
Share on Facebook Share on Twitter