معرض ديارنا للحرف اليدوية يستقبل اللاجئين كضيف شرف للمعرض، تحت شعار مصر بتتكلم حرفي، لعرض أعمالهم الفنية ومشغولاتهم اليدوية.
تستقبل ترحاس، بزيها التقليدي أبيض اللون، الزائرين بكوب قهوة من خلطتها الخاصة، يمكنك أن تستنشق رائحتها على بُعد أمتار، حيث البُن المطحون أمام عينيك على نار هادئة مع رائحة البخور المميزة التي تأخذك إلى عالم مليء بالسحر الخلاب، تجتمع فيه الثقافات المختلفة والألوان المبهجة التي تنتشر في أرجاء معرض ديارنا للحرف اليدوية.
تركت ترحاس بلدها ولكنها مازالت تحمل ما تبقى من ذكرى وطنها في كل مكان تذهب إليه، حيث تحتفظ بالزي التقليدي الخاص بإريتريا، وتُعد القهوة على طريقتهم المميزة، كما تقوم بإعداد وبيع عيش الكِسرة والمأكولات الشعبية الأخرى التي تعلمتها من أمها، مما يساعدها على تربية أطفالها في بلد غريب أتت إليه بعدما فرت من الظروف القاسية التي تعرضت لها واضطرتها للجوء.
على بعد خطوات من ترحاس، وقبل دخولك المعرض، تقابل في رحلتك أنمار، وهو لاجىء سوري وفنان يمتلك من المواهب العديد، حيث يرسم اللوحات ويعمل بالتصميم، وفي أوقات فراغه يكرس مجهوداته لتعليم الأطفال الأوريجامي، وهي كلمة السر التي تجعل من أي صغير سلطان لزمانه في لحظات معدودة حيث يمكنه من خلال طي الورق الملون في خطوات بسيطة أن يمتلك طائرة أو مركب أحلامه التي تأخذه بعيدًا حيثما شاء.
“من خلال الأوريجامي، نستطيع تشكيل الورق والخشب والخامات المختلفة، مما يساعد على توسيع مدارك الطفل وتنمية أفاقه لكي يكون مبتكرا ومفيدًا لمجتمعه”، هكذا شرح لنا أنمار فائدة فن الأوريجامي وسبب شغفه بتنظيم ورش عمل لتعليم الأطفال أساسيات هذا الفن في أجواء مليئة باللعب والبهجة.
تأخذك أجواء المعرض إلى المحطة القادمة، وهي مشاهدة الإبداعات الفنية والمنتجات اليدوية المقدمة لك خصيصًا من أكثر من 300 عارض يمثلون مختلف الثقافات والمحافظات في مصر، معهُم، ولأول مرة منذ إقامة المعرض، منتجات يدوية صنعتها أيادي لاجئات ولاجئين من مختلف الجنسيات.
يقام معرض ديارنا، تحت شعار مصر بتتكلم حرفي، برعاية وزارة التضامن الاجتماعي بالشراكة مع مبادرة “إبداع من مصر” من بنك الإسكندرية ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والمصرية للاتصالات، بكايرو فستيفال سيتي بالتجمع الخامس بالقاهرة. ويستمر المعرض من يوم 15 فبراير وحتى يوم 27 فبراير من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الساعة العاشرة مساءًا.
ويستضيف المعرض هذا العام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كضيف شرف، وهي الفرصة الثمينة التي تمكنت المفوضية من خلالها توفير مساحة عرض لعدد من اللاجئين أصحاب الحرف اليدوية والأعمال الفنية والمشغولات التراثية، ليقوموا بعرض منتجاتهم التي تسرد لنا قصص إنسانية مفعمة بالمشاعر وقلوب يملؤها الأمل.
ومن بين المشاركين بأعمالهم في المعرض محمد النجار، لاجئ سوري يبلغ من العمر 58 سنة، وهو يعمل في تشكيل المعادن والخشب لتصنيع منتجات يدوية ذات طابع تقليدي، وقال لنا عن سبب تعلمه تلك المهنة “عندما أتيت إلى مصر عام 2013، كان لابد أن أتعلم مهنة بسبب ظرف اللجوء، وأعانني الله وتعلمتها بمصر بعد ثلاث اعوام.” ويضيف “معرض ديارنا بالنسبة لي هو نافذة أطل من خلالها على عشاق الفن اليدوي والعالم.”
كما تشارك منى، لاجئة من جنوب السودان تبلغ من العمر 44 سنة، في معرض ديارنا لهذا العام وتقول: “معرض ديارنا فرصة هامة لتعريف الناس بمنتجاتي وأنا سعيدة جدًا بتلك الفرصة،” وتقوم منى بالعمل على إنتاج شنط “باتشوورك” وأعمال يدوية مختلفة ذات طابع تقليدي وألوان مفعمة بالحيوية.
“أحب أن أشكر الدولة المصرية لاستضافتها واحتضانها للسوريين، كما أوجه الشكر للقائمين على معرض ديارنا لإتاحة الفرصة أمام اللاجئين لتعريف الناس بمنتجاتنا وحرفنا وخصوصًا في ظروف كورونا” هكذا أعربت سماح عن فرحتها بالمشاركة في معرض ديارنا. سماح لاجئة سورية تعيش في القاهرة منذ أن لجأت إلى مصر في عام 2012 بسبب الحرب في سوريا، وتقوم بعمل منتجات طبيعية للعناية بالبشرة بدون استخدام أي مواد كيميائية لإيمانها بضرورة الحفاظ على صحة الآخرين.
والجدير بالذكر أن ذلك هو التعاون الثاني بين مفوضية اللاجئين ومبادرة إبداع من مصر، حيث التقيا بشهر أكتوبر الماضي في مهرجان الجونة السينمائي، بمبادرة نجوم في السماء التي عملت من خلالها 50 سيدة مصرية ولاجئة على تطريز بروشات لأبرز فنانات وفنانين مصر الراحلين، ومن بينهم رجاء الجداوي وفؤاد المهندس وأحمد زكي. وتم عرض تلك البروشات أثناء المهرجان لتخليد ذكراهم، كما ساعدت تلك المبادرة في دعم السيدات أصحاب الحرف اليدوية من مصر واللاجئات من مختلف الجنسيات.
تستضيف مصر، حتى شهر يناير 2021، أكثر من 259 ألف لاجئ وطالب لجوء من 58 جنسية مختلفة، 50 بالمائة من بينهم من سوريا. يأتي بعد ذلك، اللاجئين من السودان ثم جنوب السودان وإريتريا واليمن وإثيوبيا. وتعد فرص العمل وكسب الرزق واحدة من المشاكل الأساسية التي يواجهها اللاجئين، مما يعيق من قدرتهم على دفع إيجار المسكن وتوفير الطعام وحياة كريمة لأسرهم.
لذلك، تساعد المفوضية اللاجئين وطالبي اللجوء على إعالة أنفسهم وأسرهم من خلال تزويدهم بالتدريب ومساعدتهم في إيجاد سوق لمهاراتهم وسلعهم، ويعتبر معرض ديارنا أحد الفرص الهامة التي وفرت هذا العام للاجئات واللاجئين من أصحاب الحرف اليدوية مساحة ذكية لدعم منتجاتهم المختلفة.
وتستعد المفوضية في الأسابيع القادمة لإطلاق مبادرة “ما وراء الحدود”، وهو مشروع بدأته مؤسسة مصر الملجأ لدعم أصحاب الحرف اليدوية من اللاجئات واللاجئين لإتاحة فرص مختلفة للتسويق لمنتجاتهم إلكترونيا من خلال موقع براندلوكا، وهو متجر إلكتروني مصري.
يمكنكم زيارة صفحة ما وراء الحدود على موقع فيسبوك من خلال هذا الرابط.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر