قبل تفشي فيروس كورونا، كان غالبية اللاجئين في مصر يُعدون من الفئات الأكثر ضعفا. مع ظهور الجائحة، فقد الكثير منهم مصدر دخلهم وأصبحوا يجدون صعوبة أكبر في توفير احتياجاتهم الأساسية
في غرفة المعيشة الصغيرة في الشقة التي تتقاسمها مع ثلاث نساء أخريات، تتجول زهرة وعيناها معلقة على هاتفها في انتظار تلقي مكالمة هاتفية من صاحب عمل محتمل.
وصلت اللاجئة الإريترية البالغة من العمر 20 عامًا بمفردها إلى مصر قبل أربع سنوات. عندما كانت زهرة طفلة، كانت تتلقى الدعم المالي من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى الدعم التعليمي والنفسي والاجتماعي من شركاء المفوضية.
ومع ذلك، فقد كان عليها -عندما أصبحت بالغة -الاستفادة من المهارات التي اكتسبتها لدعم نفسها. تقول زهرة: “التحقت ببعض الوظائف هنا وهناك فقط كي أعيش. عَمِلت نادلة، كما عَمِلت مساعدة منزلية”
لكن معيشة زهرة الهشة انهارت تحت وطأة جائحة فيروس كورونا، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي للعديد من البلدان المضيفة للاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أمَّا بالنسبة لزهرة -ومعها العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين، والبالغ عددهم في مصر 258،862 شخص -كانت الآثار الفورية محسوسة بالفعل وبقوة.
تقول زهرة: “لم أستطع دفع الإيجار لمدة ثلاثة أشهر متتالية، ومن ثم ظللت أحيا في خوف من الطرد كل يوم”. وتضيف وهي تتأمل اللاجئات اللواتي يشاركنها المعيشة في شقتها، والذين لا يختلف وضعهن كثيراً عن حالها: “لا أحد يستطيع أن يتحمل تأخر المستأجر عن سداد قيمة الإيجار لفترة طويلة“.
في سبتمبر، كانت زهرة واحدة من 1,495 لاجئًا وطالب لجوء من الفئات الضعيفة، معظمهم من سوريا والسودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا والصومال، حيث تلقوا جميعًا مساعدات فورية قصيرة الأجل كجزء من جهود المفوضية المتزايدة للمساهمة في التخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا.
يأتي ذلك في أعقاب صرف الأموال الموجهة للنظافة بدءًا من شهر أبريل إلى 51،505 لاجئ وطالب لجوء من المعرضين لخطر متزايد، بما في ذلك الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة وكبار السن.
تقول زهرة: “لا أعرف ماذا كنت سأفعل لو لم أتلقَ هذه المساعدات، فقد تمكنت بفضلها من دفع قيمة عدة أشهر من الإيجار المتأخر”. على الرغم من نجاح المساعدات في منع خطر الطرد من المسكن لبعض الوقت بالنسبة لزهرة وآخرين، إلا إن العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء ما زالوا يعيشون في خوف كلما اقترب تاريخ استحقاق الإيجار.
ويتكرر الأمر نفسه بالنسبة لحياة، وهي أرملة سورية تبلغ من العمر 50 عامًا وأم لثلاث بنات. تقول حياة: “أنا مضطرة إلى الاعتماد على الاقتراض أو الأعمال الخيرية حتى أستطيع دفع الإيجار“، ثم تضيف: “لكن صاحب المنزل رجل طيب ويصبر علينا“
وقد تلقت حياة -مثلها في ذلك مثل زهرة -مساعدات قصيرة الأجل لدعمها وبناتها الثلاث. تقول حياة والحزن يتخلل صوتها: “أتمنى لو استطعت أن أشتري لهم كل ما يرغبون فيه“. لكنها -في الوقت الحالي -لا يمكنها سوى شراء الضروريات فقط لأسرتها، في حين لا يمكنها شراء الملابس الجديدة التي كانت بناتها تلححن عليها لشرائها.
جدير بالذكر أن حياة تتلقى أيضًا منحًا تعليمية لابنتين من بناتها. وتهدف المنحة التي تقدمها المفوضية -من خلال شريكتها هيئة الإغاثة الكاثوليكية -إلى تسهيل الوصول إلى التعليم وإبقاء الأطفال اللاجئين في التعليم.
ومع ذلك، فإن عدم وجود مصدر دخل ثابت يعني أن هذه الأم ستظل دائمًا تخشى من مجيء يوم عصيب، ومن ثم يتعين عليها إبقاء نفقات أسرتها عند أدنى الحدود.
قبل تفشي فيروس كورونا، كان غالبية اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر يُعدون من الفئات شديدة الضعف بالفعل، حيث كان سبعة من كل 10 لاجئين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية وغالبًا ما يضطرون إلى تبني آليات التكيف السلبية مثل تكبد الديون أو تقليل الإنفاق على الغذاء والمواد الأساسية الأخرى اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
وبعد تفشي الجائحة، فقد الكثيرون مصدر دخلهم ومن ثم وجدوا صعوبة أكبر في شراء الغذاء أو دفع الإيجار. بالإضافة إلى ذلك، فقد تزايدت درجة ضعف فئة الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، مع تزايد التقارير الواردة عن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. كما يُعَد اللاجئين من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والحالات الطبية من بين أكثر الفئات تضررا من الجائحة.
هذا، وقد ألقت جائحة فيروس كورونا بظلالها على أنشطة المفوضية كذلك. ومع الحاجة إلى تقليل مخاطر العدوى الفيروسية باعتبارها أولوية، تم تأجيل المقابلات داخل المكاتب مؤقتًا، مع استخدام بدائل مبتكرة لضمان استمرارية البرامج شديدة الأهمية عن بُعد.
وعلى الرغم من ذلك، فقد استمر تقديم المنح النقدية الشهرية غير المشروطة للاجئين وطالبي اللجوء من الفئات الأشد ضعفاً من مختلف الجنسيات، حيث وصلت المنح إلى أكثر من 39،142 فردًا بين شهري يوليو وسبتمبر.
علاوة على ذلك، تم تقديم برامج نقدية إضافية للسماح باستجابة أكثر مرونة في مواجهة انتشار الجائحة، بما في ذلك برنامج نقدي مؤقت يستهدف أولئك المعرضين لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا، وبرنامج نقدي مؤقت لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يواجهون مخاطر تتعلق بالحماية، حيث استفاد 4،625 فردًا من البرنامج الأخير اعتبارًا من سبتمبر.
وللحفاظ على استمرارية الخدمات -إلى جانب الحفاظ على التواصل ثنائي الاتجاه مفتوحًا مع اللاجئين وطالبي اللجوء -فقد استفادت المفوضية من أدوات الاتصال القائمة والجديدة مثل الهواتف ورسائل البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة ومكالمات الفيديو والاستمارات الإلكترونية.
وعلى وجه التحديد، تم تعزيز أرقام الخط الساخن الثلاثة عشر الخاصة بالاستعلام لدى المفوضية بصناديق بريد خاصة بكل قسم لتلقي الأسئلة وتزويد المتصلين بالردود في الوقت الفعلي، حيث استجابت المفوضية بين يوليو وسبتمبر لما مجموعه 55،671 مكالمة من خلال خط المعلومات وخط التسجيل الساخن.
وقد استأنفت المفوضية في يونيو أنشطة تحديد أوضاع اللاجئين وإعادة التوطين، ثم استأنفت التسجيل في أغسطس بحذر وبطريقة محدودة، وذلك لضمان تقديم الخدمات للاجئين وطالبي اللجوء من الفئات الأكثر ضعفا بشكل خاص والذين يحتاجون إلى خدمات عاجلة، دون تعريض اللاجئين أو الموظفين الآخرين لمخاطر لا داعي لها.
منذ بداية أزمة فيروس كورونا، كثفت المفوضية عملها لتوفير خدمات الحماية والمساعدات الإنسانية للاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر، وذلك بفضل الدعم السخي المقدم من الجهات المانحة. ونتيجة لذلك، استفاد 80،000 فرد من نوع واحد على الأقل من المساعدات النقدية التي قدمتها المفوضية حتى نوفمبر 2020. ورغم ذلك، تستمر الفجوة بين الاحتياجات والتمويل المتاح في الاتساع، لا سيما في ظل جائحة فيروس كورونا.
سيسمح التمويل الإضافي للمفوضية بإدراج المزيد من اللاجئين وطالبي اللجوء من الفئات الأكثر ضعفا في إطار استجابتها لجائحة فيروس كورونا، والمساهمة في تخفيف بعض العبء عنهم.
اقرأ المزيد عن المساعدات التي تقدمها المفوضية وشركاؤها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر خلال جائحة فيروس كورونا هنا.
لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، يُرجى زيارة هذا الرابط.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر