منذ بداية الأزمة، واصلت المفوضية صرف مساعداتها النقدية الشهرية متعددة الأغراض وتم إضافة منحة خاصة إضافية تصرف لمرة واحدة من أجل شراء مواد النظافة.
في نهار شهر رمضان، انطلقت “عربية الخير” المحملة بالوجبات الساخنة في شوارع القاهرة قبل أن تتوقف في قلب منطقة الكيلو 4.5 في شرق العاصمة، وعلى الرغم من توافد العديد من السكان المحليين واللاجئين إلا أن التوزيع قد انتهى قبل أن يبدأ.
قال أحد قادة مجتمع اللاجئين: “أرجوكم غادروا” وأضاف أحد اللاجئين: “لقد انقلبت حياتنا رأسًا على عقب بسبب تبعات فيروس كورونا ولن تصلحها وجبة”، معبرًا عن الإحباط الذي يشعر به المجتمع بأكمله.
“عربية الخير” هي مبادرة بقيادة الممثل المصري “أحمد حاتم” بالشراكة مع شركة أوبر وشركة فينتشر لايف ستايل تعاونت مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لضمان إدراج اللاجئين وطالبي اللجوء في عملية توزيع الوجبات طوال شهر رمضان المبارك مع أبناء مجتمعهم المضيف سعيا من المبادرة إلى تخفيف بعض الضغوط الإضافية التي لحقت بهم منذ انتشار جائحة كورونا.
ومن جانبه قال الفنان أحمد حاتم: “رمضان شهر العطاء والتعاطف والتراحم، لذلك يجب علينا التفكير في ملايين الأشخاص الذين فروا من الحرب والعنف ويعيشون حاليا بعيدا عن أوطانهم وأسرهم.” وأضاف: “إنهم لا يفتقدون أحبائهم فقط، ولكن الكثير منهم يعانون أيضًا من الظروف الاستثنائية الناجمة عن الجائحة. لذا آمل أن تساعدهم وجبة ساخنة معدة بحب على الشعور بأنهم أقرب قليلًا إلى أوطانهم”.
لكن الاحتياجات المتزايدة لمجتمع اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر تفوق وجبة ساخنة، وأصر البعض على توصيل تلك الرسالة برفضهم لهذه المبادرة، حتى وإن كانوا غير قادرين على توفير تلك الوجبة لأنفسهم أو لعائلاتهم.
واصلت “عربية الخير” التنقل في أحياء أخرى يقطنها اللاجئين والمصريين، حيث تمت معظم عمليات التوزيع بسلاسة، حتى لو كان الإحباط لا يزال واضحًا ومحسوسًا بقوة من جانب السكان واللاجئين.
وبرزت هذه المشاعر بشكل صارخ في ضوء السياق الأوسع لوضع اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، حيث تستضيف مصر 258.812 منهم حاليًا.
قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، أظهرت تقييمات جوانب الضعف التي أجرتها المفوضية أن ثمانية من أصل عشرة لاجئين في مصر كانوا غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية واضطروا إلى تبني استراتيجيات التكيف السلبية مثل الاستدانة وإرسال الأطفال للعمل بدلا من الدراسة.
ومع ظهور جائحة فيروس كورونا، فرضت الحكومة المصرية حظرًا جزئيًا منذ منتصف مارس يقيد الحركة ويقلل ساعات عمل العديد من القطاعات، وقد كان لذلك تأثيرا اجتماعيا واقتصاديا مباشرا وبعيد المدى على اللاجئين وطالبي اللجوء مما جعلهم أكثر ضعفا في مواجهة الأزمة.
فقد العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء والذين كانوا يعملون في القطاع غير الرسمي سبل معيشتهم المتواضعة، وعجزوا عن توفير الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم. كما يجد الكثير منهم أنفسهم مهددون بالطرد من مساكنهم، ومنهم من تم طردهم بالفعل لعدم قدرتهم على دفع الإيجار.
قالت “حسناء” اللاجئة السورية البالغة من العمر 45 عامًا والتي لجأت إلى مصر عام 2013 بعد وفاة زوجها في سوريا: “لقد فقدت عملي بسبب أزمة فيروس كورونا هذه”، وأضافت قائلةً: “لا أعرف كيف سأتمكن من تلبية احتياجات أطفالي. الطعام والملابس والعلاج يتطلب الكثير من المال وليس لدي أي شيء”.
حسناء هي واحدة من آلاف اللاجئين الذين لا يستطيعون دفع الإيجار والمعرضون لخطر الطرد من منازلهم. وبينما تعمل المفوضية مع الشركاء لتأمين مأوى لعدد من عائلات اللاجئين، فإن الحاجة تفوق حجم الموارد المتاحة ومن ثم ينبغي أن توضع المزيد من الإجراءات قصيرة وطويلة المدى موضع التنفيذ.
وتسعى المفوضية جاهدة لمواصلة تقديم خدمات الحماية والمساعدة على خلفية الحركة والتفاعل المباشر المحدودين ونقص التمويل المستمر وفي ظل الامتثال للقرارات التي اتخذتها السلطات المصرية منتصف مارس والتي ترتب عليها الحد من أنشطتها، كفلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أثناء قيامها بذلك استمرارية برامجها بالغة الاهمية عن بعد على نحو أساسي، ولا تزال مقرات المفوضية الأربعة في القاهرة ومدينة 6 أكتوبر والإسكندرية مفتوحة، وإن كانت تعمل بقدرة منخفضة استجابةً لحالات الطوارئ ذات الأولوية.
وتبنت المفوضية أيضًا مجموعة من أدوات الاتصال الافتراضية للسماح للاجئين وطالبي اللجوء بالوصول إلى المفوضية وطرح الأسئلة ونقل مخاوفهم. فعلى سبيل المثال، تتم أنشطة الحماية والاستقبال والمشورة عبر المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، وتستمر متابعة المسائل المتعلقة بالاعتقال والاحتجاز دون انقطاع.
كما لا تزال الخدمات الأساسية المتصلة بالعنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع وحماية الطفل مستمرة، مع اعطاء الأولوية لحالات الطوارئ. ويتم تسجيل الوافدين الجدد عن طريق البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية حتى تتم عملية التسجيل بشكل رسمي والتي تم تأجيلها بالإضافة المقابلات المتعلقة بالتسجيل، وإعادة التوطين، ومقابلات تحديد وضع اللاجئين، والعودة الطوعية إلى الوطن، باستثناء حالات الطوارئ.
منذ بداية الأزمة، واصلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين صرف مساعداتها النقدية الشهرية متعددة الأغراض ل 40.449 شخصاً. وقد تم إضافة منحة خاصة إضافية تصرف لمرة واحدة من أجل شراء مواد النظافة إلى المساعدات النقدية لشهر مايو، في محاولة لتخفيف الوطأة على الأشخاص الأكثر تضررًا من الوباء وتداعياته.
بالإضافة إلى ذلك، استفاد أكثر من أربعين ألف فرد لم يكونوا مدرجين في القائمة النقدية الشهرية العادية للمفوضية السامية لشئون اللاجئين من منحة خاصة تصرف لمرة واحدة في مايو أيضًا لتغطية تكلفة مواد النظافة. واقترن ذلك بتوزيع منتجات النظافة التي تم تلقيها كهدية من روتاري مصر.
نفيسة، لاجئة سودانية تبلغ من العمر 34 عامًا تعيش في مصر منذ عام 2009 هي واحدة من هؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يتلقون مساعدة نقدية شهرية. قالت نفيسة: “أشعر بالخجل في كل مرة أقترض فيها المال. اعتدت أن أعمل في رسم الحناء، وتزيين العرائس قبل الزفاف. ولكن منذ الحظر، لم أتلقى أي مكالمة للعمل. على الرغم من أن المساعدة النقدية التي أتلقاها من المفوضية توفر سبل الحياة لعائلتي، إلا أنها لا تكفي لتغطية الإيجار وإطعام أطفالي الأربعة “.
لم يقوض الوباء سبل عيش اللاجئين وطالبي اللجوء فحسب، بل هدد أيضًا حريتهم في التنقل حيث لم يتمكن الكثير منهم من تجديد تصاريح إقامتهم أو الوثائق الخاصة بالمفوضية. لذلك، دأبت المفوضية على التنسيق مع السلطات الوطنية لتبني منهج مرن مع اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يحملون وثائق منتهية الصلاحية بسبب قيود التنقل وتخفيض الخدمات، إلى أن يتم استئناف خدمات تجديد الوثائق من قبل المفوضية والسلطات المصرية.
قال السيد كريم أتاسي، ممثل ممثل المفوضية لدى جمهورية مصر العربية وجامعة الدول العربية في مصر: “إن المفوضية ممتنة للغاية للحكومة المصرية على معاملة اللاجئين وطالبي اللجوء مثل المواطنين في تعاطيها مع جائحة فيروس كورونا”. ومن جانبها، قدمت المفوضية 15000 قناع جراحي من النوع N95 لوزارة الصحة والسكان لدعم الطاقم الطبي على الخطوط الأمامية للوباء.
ومع ذلك، لا يزال المكتب يتلقى مئات المكالمات والرسائل الإلكترونية من اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يبلغون عن عدم قدرتهم على توفير احتياجاتهم الأساسية بعد أن فقد معظمهم وظائفهم. ويقترن ذلك بالطلبات المتزايدة للحصول على مساعدات غذائية ومالية حيث يتعرض الكثير منهم لخطر الإخلاء من قبل المالكين.
وعلى الرغم من أن المفوضية وشركاؤها يسعون جاهدين لتقديم مساعدات خاصة منتظمة وإضافية للاجئين وطالبي اللجوء، إلا أنهم غير قادرين على تلبية الاحتياجات دون دعم إضافي من الجهات المانحة. وأضاف السيد أتاسي: “نحن نعيش ظروفاً غير مسبوقة تتطلب طرقاً مبتكرة لإظهار التضامن الدولي”، مؤكدا الاحتياجات المتزايدة للاجئين والتي تفاقمت بسبب هذه الظروف الاستثنائية.
وتبذل المفوضية قصارى جهدها لتقديم أكبر قدر من الدعم المطلوب، لكن ما تم تقديمه حتى الآن بالكاد يغطي الضروريات للعديد من أسر اللاجئين، التي تغرق أكثر في الديون والفقر. بدون دعم إضافي من الجهات المانحة السخية، لن تتمكن المفوضية من الوفاء باحتياجات اللاجئين الناتجة عن هذه الأزمة الإنسانية غير المتوقعة وغير المسبوقة.
إن التحديات التي يتحملها اللاجئون وطالبو اللجوء في مصر يتردد صداها في جميع أنحاء البلدان المضيفة للاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يقيم ما يقرب من 16 مليون شخص ممن تعنى بهم المفوضية. أولئك الذين يعيشون على هوامش المجتمع معرضون للخطر بشكل خاص لأنه في كثير من الأحيان تكون إمكانية حصولهم على المياه وأنظمة الصرف الصحي والمرافق الصحية محدودة، ولا يمكنهم تحمل فقدان وظائفهم.
لذلك، وعقب تحديث خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية العالمية لفيروس كوفيد-19، أصدرت المفوضية السامية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداء كوفيد-19 العالمي المنقح في 11 مايو متمثلاً في طلب 745 مليون دولار أمريكي حتى نهاية عام 2020 لتلبية الاحتياجات الفورية في البلدان ذات الأولوية. وبشكل واضح يعكس حجم الأزمة، فيما يتواكب مع نداء الاستجابة الإنسانية ونداء كوفيد-19 العالمي الصادر عن المفوضية، فإن المتطلبات المالية الشاملة للمفوضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020 من أجل التأهب والاستجابة لكوفيد-19 تبلغ 343 مليون دولار أمريكي.
في مصر، طالبت المفوضية بميزانية قدرها 10.2 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تقديم خدماتها الإضافية المنقذة للحياة في مواجهة كوفيد-19. حتى الآن، تم تغطية 6.7٪ فقط، مما يشير إلى فجوة تمويل شديدة وأزمة إنسانية تلوح في الأفق.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر