شريف، 47 عامًا، لاجئ سوداني اضطر إلى الفرار إلى مصر بعد اندلاع الصراع في السودان. في السودان، كان شريف مهندسًا لتكنولوجيا المعلومات، وقد افتتح الآن متجرًا خاصًا به للأطعمة السودانية في الإسكندرية حيث يعيش الآن مع عائلته. ©المفوضية\كريستين بشاي
لطالما استخدم شريف شهادته في الهندسة للعمل في وظائف تترك تأثيراً إيجايباً على حياة اللآخرين. لقد كان يتمتع بمسيرة مهنية غنية في السودان مدفوعاً بشغفه بخدمة من هم بحاجة إلى المساعدة والدعم. لقد شغل شريف عدة مناصب في كل من بعثة الأمم المتحدة في السودان وتيرفاند والمعونة الإسلامية. وقبل مغادرته السودان، كان يترأس قسم تكنولوجيا المعلومات في مستشفى خيري في الخرطوم. وكان فخوراً بالعمل الذي قام به لأنه كان يعلم أنه يحدث فرقاً في حياة الآخرين.
كان شريف يسافر إلى دارفور بانتظام للقيام ببعض الأعمال التي تتعلق بمهنته وكان يقوم بأعمال تطوعية كلما سنحت له الفرصة. كان متواجدا في دارفور عندما اندلعت الحرب في الخرطوم في أبريل من العام الماضي. ومثل ملايين السودانيين، انقلبت حياته بين عشية وضحاها. واجه شريف الواقع المرير وهو أنه مضطر على ترك منزله، ليس فقط من أجل سلامته الشخصية ولكن من أجل سلامة عائلته. وبعد مرور عام على الصراع، اضطر أكثر من 1,7 مليون شخص على الزوح قسراً داخل السودان وإلى الدول المجاورة بما فيها مصر حيث يقطن شريف حالياً.
بعد أسبوع من اندلاع الصراع، انطلق شريف، بصحبة والدته وشقيقه الأصغر، في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى مصر. كان الطريق مليئاً بالصعاب وتم سرقة مدخراتهم الضئيلة أثناء الرحلة متروكين فقط بتصميمهم على البقاء. وقد مرت تسعة أيام مرهقة قبل وصولهم إلى المعبر الحدودي ويومين آخرين من عدم اليقين والخوف قبل أن تطأ أقدامهم القاهرة أخيراً.
أثرت الرحلة على والدة شريف والتي ساءت حالتها بسبب التوتر والتعب والإرهاق. كانت تحتاج إلى إجراء عملية قلب عاجلة مما أدى إلى استنفاذ مدخراتهم المتبقية وأجبرهم على الاعتماد على بعض أفراد الأسرة الآخرين للحصول على مزيد من الدعم.
وعلى الرغم من الضغوط المالية ، كانت الأسرة ممتنة لشفاء والدتهم. وقد استقروا في الإسكندرية، حيث اجتمع شريف مع زوجته وأولاده الثلاثة الذين كانوا يعيشون في مصر من قبل الصراع. ” لقد جئت إلى مصر كطالب ومتزوج حديثاً وحالياً كلاجئ. إنه بيتي الثاني وأشعر فيه بالأمان لكنى أفتقد حياتي في وطني”
بعد استقرارهم بأسابيع قليلة، سجل شريف وعائلته كلاجئين مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين طلباً في الحصول على الحماية في مصر حتى تسمح الأوضاع في وطنهم من العودة الآمنة. منذ اندلاع الحرب، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين المسجلين مع المفوضية خمسة أضعاف حتى زاد عددهم عن 300 ألف شخص. عند التسجيل، يتمكن اللاجئون من الحصول على العديد من الخدمات التي تقدمها الحكومة المصرية والمفوضية وشركاؤها التنفيذيين في قطاعات مختلفة من ضمنها الحماية والتعليم والصحة وسبل كسب الرزق والاحتياجات الأساسية.
بعد شهرين من بدء الصراع، وجد شريف نفسه عاطلاً عن العمل، يعاني من فقدان مصدر دخله ويتذكر باستمرار الاضطرابات التي قلبت حياتهم رأساً على عقب. “لقد كنت أساعد النازحين داخل السودان لفترة طويلة. لم أكن أعتقد أبداً أن أنني سأصبح واحداً في يوماً ما” – قالها شريف وعيناه تعكسان مزيجاً من الحزن و الصمود. كان الانتقال من مقدم المساعدة والدعم إلى المتلقي رحلة مليئة بالمصاعب التي اختبرت تصميمه بطرق لم يتخيلها من قبل.
بصفته رب الأسرة الأساسي، لجأ شريف إلى مهاراته كمهندس تكنولوجيا معلومات على أمل أن تساعده خبرته الواسعة في الحصول على وظيفة في مصر. أدرك أنه يكاد يكون من المستحيل العمل في مجاله، خاصة بسبب الظروف الاقتصادية الحالية في البلاد والقيود القانونية للحصول على تصريح عمل. عندها اقترح عليه أحد أصدقائه المغتربين السودانيين أن يفتح متجرًا صغيرًا للأطعمة السودانية.
في البداية، كان شريف مترددًا نظرًا لافتقاره للخبرة في هذا المجال، ولكنه تشجع، وأخذ دورات في مجال الخبز وصنع المعجنات مع الاعتماد أيضًا على الوصفات العائلية. وببعض التشجيع من أصدقائه، أطلق شريف مشروعه الغذائي، حيث قام ببيع المعجنات السودانية. لقد سكب كل طاقته وشغفه فيه، عازمًا على إنجاحه. “اعتقدت حقًا أن الوضع سيهدأ ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أشهر قبل أن نعود إلى ديارنا، ولكن لقد مر أكثر من عام الآن وعلينا أن نتكيف مع حياتنا الجديدة”
حاليًا، يستخدم شريف عمله كمنصة لرفع مستوى الوعي حول أزمة اللاجئين في السودان ودعم اللاجئين السودانيين، لتوفير فرص عمل لهم والشعور بالانتماء للمجتمع. أصبح متجر شريف أكثر من مجرد عمل تجاري – أصبح رمزًا للأمل والصمود للمجتمع السوداني في الإسكندرية.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر