بيان صحفي مشترك لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
نيويورك ـ سوف يحتل الصراع الدامي في السودان، والذي دخل الآن شهره السادس، مركز الصدارة اليوم في حدث رفيع المستوى يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ومع انتشار الأعمال القتالية والعنف القبلي، تهدد الأزمة الإنسانية باستنزاف البلاد بأكملها، في حين تواجه الدول المجاورة للسودان تدفقاً متزايداً من اللاجئين والعائدين.
معدلات سوء التغذية آخذة في الارتفاع، مما ينذر بوقوع حالات وفاة مبكرة لآلاف الأطفال السودانيين. ويعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما يقف أكثر من 6 ملايين شخص على أعتاب المجاعة. وتتفشى الحصبة والأمراض الأخرى، وتتسبب الانتهاكات الجنسية في معاناة شديدة في صفوف النساء والفتيات. وقد نزح أكثر من 5 ملايين شخص من ديارهم، بما في ذلك أكثر من مليون شخص ممن لجأوا إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان المجاورة.
ومع عدم وجود نهاية في الأفق للقتال، فإن الاستجابة الإنسانية تمثل شريان الحياة لملايين الأشخاص. وعلى الرغم من اتساع نطاق الجهود الإغاثية، إلا أنها لا تزال غير كافية وتعاني من نقص في التمويل، فيما يواجه عمال الإغاثة تحديات كبيرة في الميدان. وتكافح الدول المجاورة أيضاً في مسعاها لتلبية احتياجات اللاجئين الفارين من العنف.
تعقد الأمم المتحدة اجتماعاً رفيع المستوى اليوم مع حكومات مصر وقطر والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي. وسوف يسلط الاجتماع الضوء على التحديات الخاصة بالعمليات ونقص وصول المساعدات الإنسانية، وسوف يقترح الحلول، ويحث على توفير الدعم المرن وفي الوقت المناسب لخطط الاستجابة للأمم المتحدة في السودان والمنطقة.
وسوف تكون التكلفة البشرية المرتفعة للتقاعس عن الاستجابة مدرجة على جدول الأعمال على وجه التحديد.
ويفتقر ملايين الأشخاص – وخاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان – إلى الغذاء والماء والمأوى والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية. يحتاج الأطفال إلى مساعدة عاجلة، وبدون زيادة الدعم، سوف يواجه 1.7 مليون طفل خطر فقدان اللقاحات الحيوية، كما أن ما يقرب من 700 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وهم معرضون بشدة لخطر الموت.
تتطلب خطة الاستجابة الإنسانية للسودان 2.6 مليار دولار أمريكي لمساعدة 18 مليون شخص حتى نهاية هذا العام. وقد تم تمويل الخطة حتى الآن بنسبة 31 بالمائة.
تسعى خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين الخاصة بالسودان إلى جمع مليار دولار لدعم اللاجئين والعائدين والمجتمعات المضيفة في خمس دول مجاورة للسودان. وقد بلغت نسبة تمويل الخطة حتى الآن 27 بالمائة.
وخلال اجتماع لإعلان التعهدات عقد في جنيف في شهر يونيو، أعلنت الجهات المانحة عن تقديم ما يقرب من 1.5 مليار دولار لجهود الاستجابة في السودان والمنطقة.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث: “أصبحت الأزمة في السودان أكثر خطورة مع مرور الأيام، والاحتياجات في تزايد. هناك جهود دؤوبة تُبذل من أجل إيصال قوافل المساعدات عبر الحدود إلى دارفور وعبور خطوط النزاع داخل البلاد، إلا أن هذه العملية شاقة وبيروقراطية وخطيرة ـ وهي بعيدة كل البعد عن الوصول الآمن وغير المقيد إلى السكان والذي ينبغي أن يكون متاحاً لنا. نحن نعمل جاهدين لتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، لكننا بحاجة إلى عملية سياسية لإنهاء القتال والبدء في بناء سودان جديد”.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “لقد أُجبر ملايين الأشخاص حتى الآن على مغادرة منازلهم بسبب الحرب في السودان، ويضطر المزيد والمزيد من الأشخاص للفرار كل يوم بحثاً عن الأمان. إنهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة لتمكينهم من البقاء، وكذلك إلى دعم إنمائي طارئ لتهيئة الظروف والفرص لهم للعيش بكرامة حيثما كانوا، إلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم. لكن قبل كل شيء، يحتاجون إلى إسكات الأسلحة وأن تتوقف هذه الحرب الطائشة”.
وقالت السيدة لولوة راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي في قطر: “نشعر بقلق بالغ إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان. ولا مغالاة في وصف مدى إلحاح هذا الوضع. من الضروري أن يضاعف المجتمع الدولي جهوده على الفور لتقديم المساعدة والدعم الحيويين للشعب السوداني، بما في ذلك النازحين واللاجئين في جميع أنحاء البلدان المجاورة. ندعو إلى وقف فوري للقتال، وإلى انخراط كافة القوى السياسية في الحوار والوسائل السلمية لحل النزاع. تدعم دولة قطر الجهود الإقليمية والدولية القائمة والرامية إلى إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في السودان”.
وقال وزير الخارجية السعودي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود: “سوف تستمر المملكة في الوقوف إلى جانب الشعب السوداني في الشدائد التي يواجهها. ونأمل أن ينجح هذا الاجتماع في توفير الدعم اللازم لاستجابتنا الإنسانية الجماعية. كما نؤكد على أهمية الالتزام بإعلان جدة، بما في ذلك حماية العاملين في المجال الإنساني والموارد والإمدادات والمرافق الأخرى، وضمان الممرات الآمنة للنقل وكذلك مناطق التخزين والتوزيع. نتطلع أيضاً إلى التوصل إلى حل سياسي مستدام للصراع الحالي، يبشر بمستقبل أكثر سلاماً وازدهاراً لشعب السودان، ونحن نحافظ على التزامنا بدعم هذه العملية”.
من جانبه، قال المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في السعودية، الدكتور عبد الله الربيعة: “إن إيجاد حلول للأزمة الإنسانية في السودان يشمل تأمين الوصول الكامل والآمن للمساعدات والعاملين، وزيادة التمويل الدولي، ودعم مبادرات السلام المستدام. الملايين من اللاجئين والنازحين بحاجة إلى مساعدة طارئة عاجلة في السودان وفي البلدان المجاورة، وتحتاج البلدان المضيفة أيضاً إلى دعمنا لرعاية تدفق أولئك الفارين من العنف. ومع مرور كل يوم، يتزايد عدد الأشخاص المعرضين للخطر، ولكن بالعمل معاً، يمكننا أن نحدث أثراً إيجابياً في حياة الفئات الأكثر ضعفاً في السودان. إنها مسؤوليتنا المشتركة أن نفعل كل ما في وسعنا للتخفيف من المعاناة والعمل من أجل السلام والاستقرار في السودان”.
وقال معالي وزير خارجية مصر، سامح شكري: “لا ينبغي للدول المجاورة للسودان أن تتحمل وطأة الأزمة وحدها. إن إثقال كاهل تلك البلدان وقدراتها على تقديم الخدمات العامة من شأنه أن يولد هجرة غير شرعية. نحن بحاجة إلى التمسك بمبدأ التقاسم العادل للأعباء والمسؤوليات باعتباره الحل الوحيد نحو تخفيف العبء الإنساني والاستجابة لأزمة النزوح بطريقة فعالة ومستدامة”.
أما مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارسيتش، فقد قال: “لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزماً بتقديم المساعدة الإنسانية والحماية للمتضررين من النزاع في السودان وأولئك الذين فروا إلى البلدان المجاورة. ومع ذلك، لكي تكون مساعدتنا فعالة، نحتاج إلى الوصول الآمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق للعمليات الإنسانية. وينبغي أن يكفل ذلك جميع أطراف النزاع على الدوام، وفقاً للمبادئ الإنسانية. وسوف يسلط الحدث الرفيع المستوى الذي يعقد اليوم الضوء على قضايا الوصول البالغة الأهمية، فضلاً عن تذكير الأطراف المتحاربة بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
للمزيد من المعلومات:
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر