يصادف هذا العام مرور 30 عامًا من تأسيس برنامج المنح الدراسية DAFI في عام 1992. ويهدف البرنامج إلى تمكين الشباب اللاجئين من خلال تزويدهم بفرص للالتحاق بالتعليم العالي في بلد اللجوء أو بلدهم الأصلي، ليتم تهيئتهم وإعداد مهاراتهم لتتوافق مع متطلبات سوق العمل.
يعتاد الكثير من الطلاب على الوصول إلى الجامعة والمدرسة سيرًا على أقدامهم، فيقابلون الأصدقاء ويتسامرون سويًا. تلك الرحلة المعتادة للكثيرين ماهي إلا تذكرة للاجئين برحلتهم الشاقة بحثًا عن الأمان، والتي تمكن ملايين اللاجئين من اجتيازها. ولكن كم منهم حالفهم الحظ في الحصول على فرصة لمواصلة دراستهم الجامعية والتطلع إلى مستقبل أفضل؟
يقول أحمد، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 23 عامًا ويعيش في القاهرة منذ أحد عشر عامًا ، “حُرمت من المدرسة بسبب الحرب، مثل العديد من الأطفال السوريين الآخرين، حيث أصبحت الطفولة رفاهية لم نعد نملكها. في هذا الوقت اعتقدت أن هذه الحرب هي نهاية طموحاتي، وإنني لن أحصل مجددًا على فرصة لمواصلة دراستي”. وكان أحمد يعيش مع أسرته بسلام في حلب، يحب مدرسته وأصدقائه ولم يفكر أبدًا في أن ينتهي به المطاف كلاجئ يومًا ما.
في عام 2013، قررت الأسرة طلب اللجوء في مصر بعد أن واجهوا ظروفًا معيشية قاسية، دون وجود مصدر رزق وانقطاع للماء والكهرباء عنهم لسنوات. تركت بقايا الحرب بصماتها على حياة أحمد، رغم أنه ممتن للرحلة التي كانت نقطة تحول في حياته. يقول أحمد: “شكلت الحرب من أنا عليه الآن وجعلتني أؤمن أنه لا ينبغي أن أستسلم للأوضاع القاسية، وأن التعليم هو الضمان الوحيد لمستقبل أفضل“.
بعد عام واحد من لجوئه، عاد أحمد إلى المدرسة في مصر وهو الآن مسجل في كلية الزراعة بجامعة الزقازيق في منحة دافي (DAFI) وهي مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئي.
غطت DAFI الرسوم الدراسية الخاصة بي، والتي بدونها لم أكن لأتمكن من الحصول على درجة البكالوريوس
وأضاف أحمد عن ما قدمته له المنحة قائلاً: “غطت DAFI الرسوم الدراسية الخاصة بي، والتي بدونها لم أكن لأتمكن من الحصول على درجة البكالوريوس، كما تدعمني هيئة كاريتاس – شريك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – في كل خطوة أقوم بها في دراستي“.
تهدف DAFI إلى تمكين الشباب اللاجئين من خلال تزويدهم بفرص للالتحاق بالتعليم العالي في بلد اللجوء أو بلدهم الأصلي. كما تقدم دورات تدريبية وورش عمل لطلابها، ليتم تهيئتهم وإعداد مهاراتهم لتتوافق مع متطلبات سوق العمل.
عندما سُئل أحمد عن أحلامه ، قال: “أنا أؤمن بقوة الشباب ، وعلينا أن نبدأ في اتخاذ إجراءات مناخية لإنقاذ عالمنا. نحن بحاجة إلى زيادة الوعي بتأثير تغير المناخ وكيف يمكننا مواجهته من خلال البحث عن حلول لمشكلة هدر الطعام، والحد من استخدام الطاقة، وزراعة الأشجار في مجتمعاتنا “.
لم يكن اهتمام أحمد بتغير المناخ مفاجئًا، حيث اختار دراسة علوم الأغذية والزراعة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في مصر عام 2018.، وأصبح واحدًا من آلاف الطلاب الذين استفادوا من منحة DAFI على مر السنين.
لدي شقيقان طبيبان، و أنا مهندسة. لو بقينا في العراق لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن
نبأ، لاجئة عراقية تبلغ من العمر 24 عامًا وتخرجت من جامعة السويس في عام 2020 بعد أن درست هندسة البتروكيماويات. “والدي تعرض للاضطهاد في العراق، وكان منزلنا يُداهم باستمرار. لم أكن أعرف معنى الأمان كطفلة.” وتضيف نبأ: “في مصر، تمكنا من بناء مستقبل مشرق لأنفسنا كعائلة، لدي شقيقان طبيبان، و أنا مهندسة. لو بقينا في العراق لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن “.
بعدما حصلت نبأ على منحة DAFI، كانت تسعى لمساعدة زملائها الجداد المقبولين في المنحة، حيث انضمت إلى أندية DAFI لتقديم تدريبات مختلفة تساعد الطلبة الجدد التأقلم مع الحياة الجماعية وكسب مهارات جديدة. وقالت نبأ: “لقد اكتسبت الكثير من المهارات من الأنشطة غير الأكاديمية في DAFI ، والآن أقوم بتدريب الطلاب الجدد على مهارات مختلفة، بما في ذلك كيفية استخدام برامج مايكروسوف.”
يصادف هذا العام مرور 30 عامًا من تأسيس برنامج المنح الدراسية DAFI في 1992. وخلال تلك السنوات، تخرج من المنحة أجيال من الأطباء والمهندسين والفنانين في المجتمعات المضيفة للاجئين. بفضل حكومات ألمانيا والدنمارك وجمهورية التشيك ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجهات مانحة أخرى من القطاع الخاص دعم البرنامج أكثر من 18،500 لاجئ ولاجئة في بلدان مختلفة من العالم.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر