ببروشات مطرزة لا يتعدى حجمها كف اليد، قامت مجموعة من السيدات اللاجئات بتخليد ذكرى نجوم راحلين وإثارة اهتمام جمهور مهرجان الجونة السينمائي
استطاعت بروشات، حجمها لا يتعدى حجم كف اليد، مطرزة خصيصًا تخليدًا لذكرى نجوم سينمائية راحلة، أن تثير اهتمام جمهور مهرجان الجونة السينمائي (GFF) في البحر الأحمر.
خمسة فنانات وفنانين نجحوا في احتلال مساحة كبيرة بقلوب الملايين في جميع أنحاء العالم العربي، مثلما احتل فنهم الشاشة الكبيرة والصغيرة لعقود من الزمن، فؤاد المهندس وشويكار ورجاء الجداوي وأحمد زكي وحسن حسني هم نجوم مشروع “نجوم في السماء”، وهو نتاج تعاون مثمر بين بنك الأسكندرية ومؤسسة ذات الاجتماعية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم النساء صاحبات الحرف اليدوية وتسليط الضوء على أعمالهن.
أثناء مهرجان الجونة السينمائي، وبعد أن وصلت البروشات إلى أيادي الفنانات والفنانيين، قام كل من الفنانة بسمة والفنانة أروى جودة والفنان آسر ياسين بعرض بروش نجمهم المفضل على منصة إنستجرام، تلك البروشات التي قامت 59 سيدة لاجئة ومصرية بخياطتها وتطريزها بقلوبهن الصافية وآياديهم المحترفة.
على بُعد أميال من السجادة الحمراء، في ورشة فنية تقع في مدينة الأهرامات، حيث تمتلئ الغرفة بمجموعة من اللهجات السورية والسودانية والمصرية، تقول رنيم، لاجئة سورية تبلغ من العمر 36 عامًا، وصوتها مُفعم بالفرح بعدما علمت أن تلك البروشات ستصل إلى مهرجان الجونة “في هذا اليوم، سيرتدي ممثل البروش الذي قمت بخياطته، وغدا ستكون أعمالي معروضة في جميع قنوات الأخبار.”
وتضيف فاطمة، وهي لاجئة من السودان، “كان يتعين علينا تسليم 2،500 بروش في ثمانية أيام فقط.” وقالت باتسامة “لا أعرف كيف أنجزنا ذلك العمل، لكن يتطلب الأمر مجرد النظر إلى أصابعي المتورمة لكي أفهم كيف أتممنا العمل بهذة السرعة.”
ورشة المشغل[1]، التي تديرها مؤسسة ذات الاجتماعية، هي مساحة للإنتاج والتعلم تأسست عام 2017 لتمكين اللاجئات والمصريات صاحبات الحرف اليدوية، وبالرغم من هذا الدور الحيوي إلا إنها بالنسبة للسيدات ليست مجرد ورشة عمل تمكنهم اقتصاديًا، ولكن أكثر من ذلك. حيث تقول فايقة، مُعلمة مصرية متقاعدة: “أحببت تجربتي هنا لأنها عرّفتني على نساء من جنسيات مختلفة.” “فبينما كنا نعمل سويًا، كنت أتعلم في كثير من الأحيان بعض مهارات الخياطة أو وصفات الطعام التقليدية منهم.”
يعُج المكان، في معظم الأوقات، بالأطفال الذين يتردد صدى ضحكاتهم في ممرات المكان، ونسمع صوت أقدامهم الصغيرة أسفل الطاولات بينما يلعبون الاستغماية مما يزيد المكان حيوية وسعادة. وتقول سماهر، وهي لاجئة سورية وأم لأربعة أطفال، “تأتي بعض النساء مصطحبين أطفالهن إلى ورشة العمل لأنهن لا يستطعن تحمل تكاليف إرسالهن إلى الحضانة وليس لديهن من يعتني بهن.”
يوجد حاليًا 258,862 لاجئًا وطالب لجوء مسجل في مصر، من بينهم 48 في المائة من النساء، وأكثر من ثلثهن بقليل يتولون إعالة أُسرهم.
وتعمل المفوضية على ربط صاحبات الحرف اليدوية من اللاجئات ذوي مهارات التنجيد والخياطة والحياكة بالمؤسسات الاجتماعية المتخصصة، ومن بينهم ذات، وتمكينهن من إنتاج وتسويق الحرف اليدوية في أنحاء جمهوية مصر. ويأتي ذلك لمساعدة اللاجئين في تلبية احتياجات أسرهم والاستفادة من مواهبهم والمساهمة في المجتمعات المضيفة لهم.
وتقول بيري أبو زيد، مؤسسة مؤسسة ذات الاجتماعية: “عندما طُلب منا إنتاج البروشات، انتهزت الفرصة على الفور. ولقد كان هذا العمل سباقًا قويًا مع الزمن، لكنني كنت أعرف مدى الفرق الذي سيجلبه هذا العمل للنساء اللاتي انخفض دخلهن بسبب جائحة كوفيد-19،” ونظرًا للتعاون الذي دام مع اللاجئات صاحبات الحرف اليدوية لأكثر من ثلاث سنوات، كانت بيري على علم أيضًا بالأبواب التي يمكن أن يفتحها هذا العمل لهن. وقالت: “كان مشروع نجوم في السماء تذكرة ذهبية للحرفيات إلى مهرجان الجونة السينمائي، ممن يستحقن سماع قصصهن وعرض أعمالهن أمام الجميع من صانعي الأفلام والمشاهير وغيرهم.”
ويعد مهرجان الجونة السينمائي الذي انطلق تحت شعار “سينما من أجل الإنسانية” واحد من أحدث وأبرز المهرجانات السينمائية في المنطقة. وعلى الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض منتجات اللاجئيات واللاجئين هناك، إلا أن المفوضية كانت حاضرةً كل عام منذ السنة الأولى للمهرجان في عام 2017؛ لإبراز قضية الدفاع عن اللاجئات واللاجئين وفي أنشطة المهرجان المختلفة وفي إنتاج الأفلام والأفلام الوثائقية.
وبناءً على ذلك، وانطلاقًا من التزام المهرجان لدعم القضايا الإنسانية، قامت المفوضية ومهرجان الجونة السينمائي بتوقيع اتفاقية تعاون لتوفير منصة للمفوضية ضمن المهرجان بهدف رفع وعي الجمهور بشأن قضايا اللاجئين وتوصيل أصواتهم.
كما كان وضع الأطفال في المنطقة العربية وخاصة في مصر على رأس جدول أعمال المفوضية في المهرجان هذا العام، وبالتعاون مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، شاركت المفوضية في تنظيم حلقة نقاش بعنوان “الأطفال مهمون” والتي قامت على إدارتها مقدمة البرامج التلفزيونية اللبنانية والصحفية الشهيرة ريا أبي راشد والمخرجة والمنتجة اللبنانية نادين لبكي، والسيد كريم أتاسي، ممثل المفوضية لدى جمهورية مصر العربية ولدى جامعة الدول العربية ، والدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، والمهندسة نورا سليم، المديرة التنفيذية لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والممثلة السورية وداعمة المفوضية البارزة كندة علوش.
وبلغت جهود الدفاع التي ترعاها المفوضية في مهرجان الجونة السينمائي ذروتها من خلال إبرام اتفاقية شراكة مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية. وجاء الإعلان عن الاتفاقية في حفل استقبال رفيع المستوى باستضافة كلا الطرفين.
وعلى هامش حفل الاستقبال، نالت البروشات احتفاء بالغ من السادة الحضور، ومن بينهم مقدمة البرامج ومقدمة الحفل إنجي علي والفنانة المصرية بشرى. وعبرت بيري أبو زيد بعد هذا النجاح الهائل قائلة: “فخورة جدًا بهن، لقد أثبتت هذه التجربة قدراتنا حقًا وأظهرت مدى قوة المرأة.”
[1] المشغل هو ورشة عمل من تنفيذ هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، في إطار برنامج “القيادة والتمكين وإمكانية الوصول والحماية”، بتمويل سخي من حكومة اليابان.
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر