حوالي 84% من اللاجئين حول العالم، والذي يتخطى عددهم حاجز ال20 مليون، تستضيفهم دول تحتاج أنظمتها الصحية ومرافقها إلى التطوير حتى تستطيع أن تواجه الأزمة الحالية.
تتصاعد أنفاسها وهي تلملم ما تبقى لها من أغراض، تهرول حتى لا تشاهد في أعين الآخرين نظرة الشفقة التي رافقتها خلال السنوات الماضية، تتأكد من بقاء أطفالها على قيد الحياة من خلال سماع بكائهم المستمر الذي أصبح نغمة خلفية لحياتهم اليومية. فمنذ أن خيمت أجواء فيروس كورونا على البلاد وهي لا تستطيع العمل أو توفير الطعام لأطفالها، حتى تم طردها من الغرفة التي كانت تستأجرها في منزل سيدة مسنة تبحث هي الأخرى عن ما يمكن أن يوفر لها حياة كريمة في ظل تلك الظروف الصعبة.
تلك القصة ليست من وحي الخيال، ولكن هي قصة الكثير من اللاجئين واللاجئات المنسيين في ظل الوباء العالمي كوفيد 19. في بلدتهم الصغيرة أو عالمهم الكبير، لم يتوقع اللاجئون يومًا أن يكونوا جزءًا من هذا المشهد المؤلم، حيث البحث عن الأمان خارج أوطانهم التي لفظتهم بعدما أصبحت حياتهم مهددة بالخطر. واليوم يعيشون نفس الخوف مجددًا ولكن من وباء يحتل العالم، يصارعون يوميًا من أجل البقاء على الحياة والتصدي للفيروس
حوالي 84% من اللاجئين حول العالم، والذي يتخطى عددهم حاجز ال20 مليون، تستضيفهم دول تحتاج أنظمتها الصحية ومرافقها إلى التطوير حتى تستطيع أن تواجه الأزمة الحالية.
“لا يملكن ما يمكنهن من محاربة الفيروس، فليس لديهن من المدخرات ما يعولهن، ولا عمل يأمن لهن حياة كريمة في ظل توقف الحياة من حولهن”
نروي لكم قصص ثلاث سيدات تعيشن معنا أجواء¬ يخيم عليها الخوف من المجهول، لا يملكن ما يمكنهن من محاربة الفيروس، فليس لديهن من المدخرات ما يعولهن في ظل هذه الظروف ويؤمن لهن ما يغطي إيجار المنزل الصغير الذي يأويهن مع أطفالهن، ولا عمل يأمن لهن حياة كريمة في ظل توقف الحياة من حولهن.
هدى، تبلغ من العمر 28 عامًا، هربت إلى مصر مع أخواتها الثلاث بعدما أيقنت استحالة رجوعها إلى بلدها إريتريا مرة أخرى، حيث تعرضت أسرتها للتهديدات المختلفة وأصبحت هي المسؤولة عن ثلاثة صبيان من بينهم أخ ذي احتياجات خاصة. تقول هدى: “انا المسؤولة عن حياة أخواني الثلاثة منذ أن أتينا إلى مصر في مارس 2018، لكن ليس لدي وظيفة أجلب منها المال، ولا منزل نقيم فيه، ونتحمل أعباء المعيشة في ظل أزمة كورونا من المساعدات المالية التي نتلاقها من المفوضية.”
أتوا إلى مصر بحثًا عن الأمان والحماية الدولية، تمكنوا من الهرب من الموت إلا أن أزمة جديدة تهدد حياتهم، هكذا قالت لنا ابتسام، لاجئة سورية جاءت إلى مصر منذ سبع سنوات مع زوجها وأطفالها الأربعة. وأضافت: “أطفالي في حاجة ماسة للمساعدة، فهم أهم مني ومن زوجي.” يعمل زوج ابتسام سائقاً لتوصيل الحلويات بأحد مصانع الحلويات في مصر، إلا أن أزمة كورونا تسببت في إيقاف المصنع والعاملين به عن العمل، ولكن لم تتوقف مع الأزمة احتياجات أسرته المكونة من ستة أفراد.
“أتيت إلى مصر عام 2015 بحثًا عن الأمان بسبب ما تتعرض له بلدي من حروب”، هكذا بدأت شكران، وهي سيدة سودانية تبلغ من العمر 38 عامًا رواية قصتها لنا. تقوم شكران برعاية أطفالها الأربعة وأخو زوجها الذي يبلغ من العمر عشرة سنوات، حيث أنه يعيش معها وهي المسؤولة عن تربيته. وأضافت: “وضعي صعب لأني مسؤولة عن خمسة أطفال، ولا نملك المال كما أن عملي توقف بسبب الظروف الحالية، ومن خلال المساعدات المالية التي أتلقاها من المفوضية أستطيع بالكاد سداد إيجار المنزل.”
“وتمنح الحكومة المصرية حق حصول اللاجئين وطالبي اللجوء من مختلف الجنسيات في مصر على الخدمات الصحية الحكومية”
تستضيف مصر أكثر من 258 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجل مع المفوضية، حتى فبراير 2020، وتمنح الحكومة المصرية حق حصول اللاجئين وطالبي اللجوء من مختلف الجنسيات في مصر على الخدمات الصحية الحكومية على قدم المساواة مع المصريين، فلا تفرق بينهم وبين مواطنين الدولة.
حماية حقوق اللاجئين ومساعدة الأكثر احتياجًا. هذه الكلمات سطرت غاية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ إنشائها عام 1950. وفي ظل تلك الأزمة التي تهدد كل دول العالم، لازلت المفوضية تتذكر غايتها التي تتمثل في حماية حقوق اللاجئين ومساعدة الأكثر احتياجًا ودعم المجتمعات المضيفة لهم، ولا سيما الوقاية والتصدي لفيروس كورونا.
وتقول السيدة ريم عبد الحميد، مسؤول أول العلاقات الخارجية بمفوضية اللاجئين في مصر، “تعمل المفوضية في مصر جاهدة على استمرار الاستجابة للحالات الطارئة. فبالرغم من تقليص أنشطتنا، إلا أن المساعدات والمنح المالية مازالت مستمرة ولم تنقطع عن اللاجئين الأكثر احتياجًا، فضلا عن خدماتنا الأساسية المتعلقة بحماية اللاجئين والتصدي للعنف وتكون الأولوية للحالات الطارئة.”
وأضافت السيدة ريم: “ندرك تمامًا ما يتعرض له اللاجئون في ظل الظروف الحالية، ولذلك نتابع عن قرب مستجدات الأمور مع وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية، ونواصل العمل مع شركائنا من منظمات المجتمع المدني لضمان استمرار الخدمات المقدمة للاجئين مع وجود أنظمة تضمن حمايتهم من خلال تجنب التجمعات والازدحام.”
وعملا بمبدأ تقاسم المسؤوليات والأعباء بين الدول والذي تنادي به المفوضية، أعلنت المفوضية عن الحاجة إلى الدعم العاجل لتتمكن من الاستمرار في عملها في حماية اللاجئين وضمان تصديهم ومجتمعاتهم المضيفة إلى الفيروس، من خلال تلقي التبرعات من الدول والأشخاص على حد سواء من خلال هذا الرابط والذي سيمكن المفوضية من دعم العائلات التي فقدت مصدر رزقها، وتوفير المواد الوقائية مثل الكحول الطبي والصابون، وأيضا تعضيض ودعم النظام الصحي المحلي لتعزيز قدرته على توفير الرعاية الصحية لكل المصابين.
*تم تغيير الأسماء وبعض التفاصيل للحفاظ على هوية اللاجئين*
شارك على الفيسبوك شارك على تويتر