استمرار عبور آلاف اللاجئين للحدود الأوروبية بحثاً عن الأمان
استمرار عبور آلاف اللاجئين للحدود الأوروبية بحثاً عن الأمان
توفارنيك، كرواتيا، 25 سبتمبر/أيلول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- يستمر الأفغان والسوريون والعراقيون وغيرهم بالوصول بالآلاف في اتجاهات دائمة التغير عبر الحدود بين صربيا وكرواتيا، وقد فر غالبيتهم من الصراع والاضطهاد آملين في أن توصلهم رحلتهم إلى مكان يمكنهم إعادة بناء حياتهم فيه.
وصل أكثر من 50,000 شخص إلى هنا منذ منتصف شهر سبتمبر/أيلول، وما زال الكثيرون في طريقهم. ويتغير المعبر كل يوم؛ وبين بابسكا وتوفارنيك، تتجمع أعداد كبيرة عند الحدود وتتبدد ما إن يُسمح بمرور هذا السيل البشري.
يوم الخميس، تجمعوا في مقبرة في توفارنيك، وهي نقطة الدخول إلى أرض منزوعة السلاح بين دولتين تدركان جيداً تكاليف الحرب. وعلى بعد بضعة كيلومترات، تقع محطة القطار التي شهدت أعمال فوضى الأسبوع الماضي، ولكن يتعين عليهم الانتظار تحت أشعة الشمس والمطر ليتم نقلهم بالحافلات ومركبات الشرطة.
مع ارتفاع الأعداد، ونظراً إلى أن عدد الباصات لم يكن كافياً، بقي البعض لساعات وبدت عليهم الحيرة تجاه ما ينتظرهم. دفعت الحالة الطارئة موظفي المفوضية إلى توزيع البسكويت والبطانيات والمعاطف ونقل النساء الحوامل إلى الأمام وجمع العائلات التي تفرق أفرادها خلال الازدحام.
ومع حلول المساء، بدأت الأمطار تتساقط. فاستاءت الجموع وسيطر عليها الهلع، ولكن ذلك لم يكن لفترة طويلة، إذ استعادت هدوءها مع إطلاق شخص يرتدي سترة الصليب الأحمر ويتكلم اللغة العربية الأوامر بواسطة مكبر للصوت، بينما طمأنت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمتطوعون من جميع أنحاء أوروبا الناس وزودوهم بالمعلومات القليلة التي استطاعوا الحصول عليها، وربما كان ذلك أهم احتياجات هذا الحشد من الناس المتعددي اللغات والذين بالكاد يعرفون مكان تواجدهم.
وقال رالف غروينيرت، منسق الطوارئ في المفوضية: "كنا أول من انتشر في الميدان إلى جانب الشرطة الكرواتية؛ وقد وفر البسكويت والمياه الذي قدمناه الطاقة قبل قيام الصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية والمتطوعون بتقديم المساعدات الضرورية. ونحن نعمل على ثلاثة محاور: توفير المعلومات وتحديد الأشخاص الأكثر ضعفاً ونقلهم وتقديم المساعدات الأساسية."
وفي وقت سابق من اليوم، تجمعت على الحدود طوابير طويلة من السيارات التي انتظرت تمكنها من العبور، إلا أن الحدود أُغلقت بعد ذلك أمام العابرين بعد اندلاع حرب كلامية بين كرواتيا وصربيا؛ وهي إشارة مقلقة على أن نتائج الصراعات الخارجية تشعل التوترات القديمة على حدود أوروبا.
خاف فارد أحمد، وهو مهندس مدني من كابول، على زوجته فاطمة الحامل في الشهر الثامن والتي شعرت بالتعب والتوتر بين الحشود. وقال: "لا يمكننا البقاء هنا. يمكنكم رؤية مدى انزعاجها، هل يمكنها الانتقال إلى المخيم رجاءً؟" ساعدتهم ماريا بامولا، إحدى مسؤولي الحماية في المفوضية على الانتقال ونظمت نقلهم إلى المأوى.
وفي مخيم العبور في أوباتوفاك، جلس جود لوجور البالغ من العمر 30 عاماً، على حصيرة تخييم وتناول السمك المعلب بيديه منتظراً دوره. ووصف رحلته الطويلة من كابويتا في جنوب السودان، حيث كان يعمل كتاجر ذرة وقرر المغادرة بعد أن فشل اتفاق سلام في وقف القتال وتدمرت أحلامه بعودة الهدوء. ترك أطفاله الثلاثة مع والدته في أوغندا وسافر مع زوجته عبر مصر وليبيا وعبرا البحر الأبيض المتوسط في زورق مكتظ.
وشرح قائلاً: "كان ذلك أصعب ما قمت به. في ذلك القارب الصغير تشعر بأنك فقدت حياتك وكل معناها. ولكنني استعدت الحياة في اليونان."
مع مرور الأيام زاد مخيم العبور تنظيماً فبات الأشخاص يُمنحون أطواقاً ملونة لمعاصمهم ويتم توزيعهم على الخيم بينما ينتظرون الباصات ليوم كامل. ولكن انفصال العائلات يبقى تهديداً مستمراً. وقد تم تخصيص خيمة لجمعها ولكن المسؤولين في الأمم المتحدة والصليب الأحمر يبحثون في المخيم أيضاً عن أخوات فُصلن عن أشقائهن وأولاد فُصلوا عن أمهاتهم لجمعهم قبل انطلاق الحافلات.
ويوم أمس وحده، جمعت ماندانا أميري، إحدى مسؤولي الحماية في المفوضية، ست عائلات- واحدة في الدقيقة الأخيرة قبل مغادرة الحافلات. ولكن لا يختار الجميع الانتظار. وقالت: "منذ البارحة، رأيت أربع عائلات فقدت بعض أفرادها إلا أنها لم ترغب في البقاء. وقالت عائلتان أخريان اليوم بانهما ستتابعان طريقهما دون باقي أفرادهما."
ومع حلول الليل أمس، نقلت قافلة جديدة من الحافلات لاجئين ومهاجرين من المركز إلى محطة توفارنيك حيث ربكوا قطاراً كان ينتظرهم. لكن وجهتهم لم تتضح، ويقول أحد الرجال: "لسنا متأكدين. سنجرب حظنا في هنغاريا ثم سلوفينيا وإن لم تسر الأمور على ما يرام، سنحاول الذهاب إلى مجمع في فيليساجيم." وعندما طلبنا منه المزيد من التفاصيل، فضل عدم التكلم وأصر على أن زغرب هي "الحل الأخير الوحيد."
في صباح يوم الجمعة، انتقلت نقطة العبور مجدداً إلى بابسكا وأشارت التقارير إلى أن 9000 شخص إضافي كانوا في طريقهم. وبدأ يوم آخر دون أن تظهر أي إشارة على توقف التدفق. ويعمل سكان هذا البلد الصغير- كثيرون منهم لاجئون سابقون- على مر الساعات لاستيعاب الأعداد المتدفقة بأفضل طريقة ممكنة، بكرامة واحترام.
بقلم مارك تورنر، توفارنيك