عودة أولى مجموعات العالقين الجنوب سودانيين إلى جوبا

جوبا، جنوب السودان، 16 مايو/أيار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - جرى هذا الأسبوع نقل المجموعة الأولى من الجنوب سودانيين والمؤلفة من 326 شخصاً إلى ديارهم جوًّا بعد انتظارٍ لأشهرٍ طويلة في أحد المواقع السودانية المزدحمة التي تشهد توترًا متزايدًا.

وتعد هذه الخطوة التي تحققت يوم الاثنين إنجازًا بالنسبة لـ12,000 شخص تعود أصولهم إلى جنوب السودان، ظل بعضهم عالقًا في مدينة كوستي السودانية الواقعة على ضفاف النيل الأبيض لأكثر من عامٍ، والذين كانوا قد بدءوا رحلة عودتهم إلى موطن أجدادهم مع إعلان جنوب السودان دولة مستقلة في يوليو 2011، ولكنهم تعطلوا بسبب نقص السفن في كوستي وتكدس الأمتعة ذات الأحجام الكبيرة نتيجة السنوات التي قضوها في السودان. وقد بدأ بعض الأطفال في ترديد أغان عن "السفينة التي لم تأتِ".

باسكالينا دوكوي هي أم لطفلين وتبلغ من العمر 20 عامًا. وصلت إلى المخيم المؤقت في كوستي في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي. كان الموقع مصممًا في الأصل ليتسع لـ800 شخص، ولكن هذا العدد سرعان ما تضخم, ليتسع الموقع الآن لعدد يتراوح ما بين 12,000 و15,000 شخص ينتظرون الانطلاق إلى الجنوب؛ الأمر الذي وضع عبئًا ثقيلاً على الخدمات مثل المياه والرعاية الصحية، فضلاً عن تزايد التوتر مع المجتمع المحلي والمسؤولين.

وتسترجع دوكوي إلى ذاكرتها العناء الذي واجهته في هذا المركز المؤقت وتقول: "لم يكن مسموحًا لنا مغادرة كوستي، ولا حتى الذهاب إلى السوق لابتياع بعض الحاجيات الأساسية؛ لأننا قد نتعرض -حال مغادرتنا- للاعتقال أو الاغتصاب أو التحرش أو الابتزاز".

لقد أصبحت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) قادرة الآن على نقل الأفراد من كوستي إلى الخرطوم برًّا ونقلهم جوًّا إلى عاصمة جنوب السودان جوبا عقب الاتفاق الأخير الذي توصلت إليه حكومتا البلدين لتسهيل حركة مجموعات العالقين إلى جنوب السودان. ومن جانبها، تقوم المفوضية بتوفير الحماية والمراقبة للفئات الأكثر ضعفًا من بين مواطني جنوب السودان وتقديم المساعدة لهم.

إن المجموعتين الأولتين اللتين حلتا بجوبا صباح يوم الإثنين, والمؤلفتين في معظمهما من نساء وأطفال وكبار السن، قد لاقتا ارتياحًا بالغًا من المسؤولين في جنوب السودان ومن بينهم وزير الشؤون الإنسانية ورئيس لجنة الإغاثة وإعادة التأهيل، وقد كان في استقبالهما سيارة إسعاف تابعة للمفوضية من أجل الحالات الصحية الطارئة.

وحينما وصل اللاجئون العائدون، اصْطُحبوا إلى مخيم مؤقت تابع للمفوضية في جوبا, حيث تم تطعيم الأطفال وتزويد الأسر بإمدادات الإغاثة. كما أقامت المفوضية مكتب مساعدة لإبلاغهم بما ينبغي عليهم فعله, وإعدادهم لحياتهم الجديدة.

وتقول دوكوي التي عادت مع أطفالها ولكنها تركت زوجها في انتظار معاشه: "لقد استغرق تسجيلي ثمانية أشهر, وثمانية أشهر أخرى للعودة أخيرًا إلى الوطن. أنا سعيدة". وأضافت: "لست أدرى متى سيأتي ولكنني آمل وأتضرع أن يأتي سريعًا".

وبحسب ما أورده ساتيمو لادو سكرتير لجنة الإغاثة وإعادة التأهيل، فإن عائدين كثيرين سوف يقضون حتى ثلاثة أيام في انتظار مجيء أقاربهم واصطحابهم إلى المنزل.

ويضيف ساتيمو: "بينما قد ينتهي الأمر بآخرين إلى البقاء في منشآت عبور لأشهر, على أمل الحصول على قطعة أرض من الحكومة في جوبا... كثيرون منهم ليس لديهم أقرباء هنا في جنوب السودان أو يتعذر تتبعهم. سوف يظل البعض على حاله في انتظار وصول حاجياته [بالسفينة] الأمر الذي قد يستغرق شهورًا".

قد يجدون سلوتهم في تجربة ماري أبوستينو جونز التي عادت إلى جوبا في مطلع هذا العام بعد أن قضت في كوستي ثلاثة أشهر.

وتقول جونز -وهي أم لثمانية أطفال وتبلغ من العمر نحو 40 عامًا: "أعيش في منطقة مجاورة وأتيت لرؤية أصدقائي القدامى الذين عادوا من كوستي. لقد أردت العودة هنا ونحن بخير. بعض أبنائي يعملون في جوبا وبعضهم يدرس".

ومن المتوقع أن يستمر الجسر الجوي على مدى الأسبوعين المقبلين لينقل خلالهما نحو 1000 فرد من السودان إلى جنوب السودان بصفة يومية. وقد قامت الحكومة بتعيين موقع آخر في جوبا يتسع لمجموعات العائدين الضخمة ريثما يمكنهم العودة إلى قراهم. وسوف تعمل المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة -بوصفهما مشاركين في رئاسة قطاع العودة الطارئة- بالتعاون مع شركاء آخرين للخدمات الإنسانية على توفير الخدمات الأساسية في مواقع العبور.

بقلم مارك كيريا وفيفيان تان من جوبا، جنوب السودان