الصراع السوري بعد سبعة أعوام: "مأساة إنسانية هائلة"
الصراع السوري بعد سبعة أعوام: "مأساة إنسانية هائلة"
قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم الجمعة بأن المعاناة المستمرة للمدنيين السوريين تمثل فشلاً مخزياً للإرادة السياسية ومستويات متدنية جديدة للصراع السوري الذي طال أمده والذي يشهد هذا الشهر الذكرى السابعة له والباعثة على الإحباط.
وأضاف غراندي: "تسببت هذه الحرب التي بدأت منذ سبعة أعوام بمعاناة إنسانية هائلة. لقد حان الوقت لإنهاء هذا الصراع المدمر لأجل البشرية. لم يحقق أي طرف فوزاً واضحاً من الحل العسكري العقيم. ولكن الخاسر هو بكل وضوح الشعب السوري".
كلّفت سبعة أعوام من الصراع حياة مئات الآلاف من الأشخاص وأجبرت 6.1 مليون شخص على مغادرة منازلهم داخل سوريا و5.6 مليون لاجئ على البحث عن ملاذ آمن في الدول المجاورة في المنطقة.
إن الظروف التي يواجهها المدنيون داخل سوريا أسوأ من أي وقت مضى، حيث يعيش 69% منهم في فقر مدقع. وقد ارتفعت نسبة العائلات التي تنفق أكثر من نصف مدخولها السنوي على الطعام إلى 90% في حين أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بثمانية أضعاف كمعدل مقارنة بمستواها قبل الأزمة. ويعاني حوالي 5.6 مليون شخص من أوضاع تهدد حياتهم على صعيد أمنهم وحقوقهم الأساسية أو مستويات معيشتهم ويحتاجون لمساعدات إنسانية طارئة.
وتبذل المفوضية وشركاؤها في المجال الإنساني كل ما في وسعهم من أجل توفير مواد الإغاثة للأشخاص الذين يحتاجون إليها داخل البلاد ولكن إمكانية الوصول إلى السكان في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها لا تزال غير ملائمة على الإطلاق. ولقد شكلت القافلة الإنسانية الهادفة لتوفير مواد الإغاثة للسكان المحاصرين في دوما الواقعة في الغوطة الشرقية في 5 مارس الجاري تطوراً مرحباً به. ولكن القصف أجبر الشاحنات على المغادرة قبل أن يتم إنزال نصف المواد الغذائية الموجهة للأشخاص الجائعين وأُحبطت جميع محاولاتنا للعودة.
كما أن المفوضية وغيرها من الجهات الإنسانية الفاعلة على أهبة الاستعداد لتوفير مواد الإغاثة الضرورية لمئات آلاف الأشخاص من ذوي الاحتياجات الهائلة والعالقين داخل الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق المحاصرة في البلاد.
وأشار غراندي إلى أنه "حتى خلال الحروب، هناك قواعد يجب أن تحترمها جميع الأطراف. أما في سوريا، فحتى خيار الفرار من مناطق الصراع للوصول إلى بر الأمان في أجزاء أخرى من البلاد يتضاءل. يتعين ضمان إمكانية الوصول الإنساني إلى الأشخاص المحتاجين ويتعين السماح للأشخاص بالمغادرة إلى مكان آمن وحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، مهما كلف الثمن.
ويبدد الوضع الخطير داخل سوريا آمال ملايين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق ويحلمون بالعودة إلى بلادهم عندما يصبح الوضع آمناً.
وقال غراندي: "نظراً لشراسة القتال في بعض المناطق السورية كما كان أثناء الصراع، لا يزال اللاجئون خائفين جداً من العودة لأسباب مفهومة". وتجري المفوضية استعداداتها للمساعدة في العودة، ولكن يتعين تحسين الوضع الأمني بشكل كبير قبل أن تصبح العودة ممكنة.
في هذه الأثناء، تتحول حياة ملايين السوريين خارج بلادهم إلى أوضاع أكثر يأساً حيث يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر ولا يستطيع أكثر من ثلاثة أرباع اللاجئين في المناطق الحضرية في الأردن ولبنان تلبية احتياجاتهم الأساسية في مجال الطعام أو المأوى أو الصحة أو التعليم.
ارتفعت نسبة الأطفال اللاجئين في المدارس في الأعوام الأخيرة ولكن، من بين 1.7 مليون لاجئ سوري في سن الدراسة، لا يزال 43% خارج المدرسة. وتعتمد أنظمة المدارس الرسمية الوطنية في البلدان المستضيفة على الدوام الثاني لاستيعاب الطلاب السوريين وهي تحتاج للكثير من الدعم.
وقال غراندي: "في حين أن التركيز ينصب على الدمار داخل سوريا، يتعين علينا ألا ننسى التأثير القائم على المجتمعات المستضيفة في البلدان المجاورة والأثر الذي تركته أعوام من العيش في الخارج على اللاجئين. وفي ظل غياب الحل السياسي للصراع، يتعين على المجتمع الدولي تكثيف استثماراته في البلدان المستضيفة".
وأشار المفوض السامي إلى المؤتمر الدولي المقبل حول "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" والذي سيُعقد في بروكسل في 24 و25 أبريل والذي قال بأنه يجب أن تنتج عنه تعهدات ثابتة بتوفير الدعم المالي والإنمائي المكثف.
طوال الأعوام الماضية، اتسم الدعم الذي وفرته الجهات المانحة بالسخاء ولكن هناك حاجة إلى المزيد. في ديسمبر من العام الماضي، أطلقت وكالات الأمم المتحدة وحوالي 270 منظمة غير حكومية شريكة خطة الاستجابة للاجئين وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات لعام 2018 التي تبلغ قيمتها 4.4 مليار دولار أميركي والمصممة لدعم اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم. وعام 2017، حصلت الاستجابة الدولية على نصف التمويل المطلوب فقط.
هذا ويتواجد المفوض السامي حالياً في لبنان حيث اجتمع على مدى ثلاثة أيام مع مسؤولين بارزين في الحكومة وبعض اللاجئين السوريين المسجلين والمقيمين هناك والذين يبلغ عددهم مليون شخص تقريباً. وقد أثنى غراندي على سخاء البلاد في استضافة عدد اللاجئين نفسه تقريباً الذي تضمه أوروبا كاملةً ولكنه حذر من أن عدم كفاية الدعم الدولي من شأنه أن يرفع من مستويات الضعف بين اللاجئين والمجتمعات المحلية التي تستضيفهم.