الآلاف يفرون من غرب الموصل مع اشتداد حدة القتال
الآلاف يفرون من غرب الموصل مع اشتداد حدة القتال
مخيم حمام العليل، العراق- في أقل من 24 ساعة، بدأ المخيم الخالي في جنوب الموصل بالامتلاء سريعاً، ليصبح ملجأً مؤقتاً لآلاف العراقيين اليائسين الفارين من هجوم الجيش لاستعادة السيطرة على القطاع الغربي من المدينة. نقلت الحافلات والشاحنات الأسر المنهكة إلى الموقع طوال اليوم، وقد انتظرت العائلات هناك بفارغ الصبر وتلقت المياه والوجبات الساخنة قبل أن تتوزع على الخيام المخصصة لها.
وبلغ متوسط النزوح من الجانب الغربي من مدينة الموصل حوالي 4,000 شخص في اليوم في الأسبوع الماضي- وهو أعلى معدل يومي للنزوح منذ بداية الصراع. وما زال هناك 191,800 عراقي نازح من الموصل والمناطق المحيطة بها منذ 17 أكتوبر عندما بدأت العمليات العسكرية. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 250,000 شخص قد ينزحون من غرب الموصل من أصل 750,000 شخص يُعتقد بأنهم لا يزالون يقيمون هناك.
ويوم الأربعاء، بدأت المفوضية والشركاء بتوزيع 9,000 فرشة وبطانية، و1,500 حزمة من مستلزمات النظافة و1,500 وعاء مياه و1,500 غطاء بلاستيكي، وصفائح كيروسين ولوازم مطبخ وأجهزة تدفئة في مخيم حمام العليل القائم، حيث وصل أكثر من 9,000 شخص منذ الإثنين.
وكان كفاح البالغ من العمر 35 عاماً وعائلته من بين الوافدين الجدد الذين فروا من حي المأمون بعد أن استعادت القوات الحكومية السيطرة عليه. وقد قال:"كانت القذائف تتساقط بكثافة. ولم يكن لدينا الأرز ولا الخبز ولا الحليب. لم يكن لدينا شيء لنطعم الأطفال".
ووصف كفاح كيف اقتادت الجماعات المسلحة، قبل عدة أشهر، شقيقه وزوجته من منزلهما بعد أن اكتشفت أنهما يملكان هاتفاً محمولاً.
وأضاف: "قالوا بأن أخي كان على اتصال بالجيش العراقي. قيل لنا بأنهما قُتلا. ونعتني اليوم بطفلهما، يوسف، الذي يبلغ من العمر عاماً ونصف فقط"، وأخرج المستندات الصادرة عن الجماعات المسلحة التي كانت تسيطر على الموصل خلال العامين ونصف الماضيين، والتي أدرجت اسميهما كـ "والديّ يوسف". وبحركة يائسة، أخذ الأوراق ومزقها بفرح.
وقالت العائلة بأنها هربت من منزلها مع تصاعد العنف من حولها، ومشى أفرادها عدة كيلومترات للوصول إلى بر الأمان. وقالت شيماء، زوجة كفاح: "حي المأمون خالٍ من السكان. عندما غادرنا، رأينا جثثاً على الأرض- أشخاص قُتلوا برصاص القناصين أو بالقصف".
وبدا عليها الارتياح لوصولها مع الآخرين إلى مخيم حمام العليل الذي بنته الحكومة والواقع على بعد 25 كلم من المدينة العراقية الثانية في الجنوب. وأضافت: "أشعر بالسعادة. لقد أكلنا ونمنا بهدوء. لم يكن لدي أحلام سيئة، كانت أحلامي كلها جميلة".
ومع ذلك، رفض زوجها العودة إلى الديار في وقت قريب، معرباً عن قلقه من تحرّك الجماعات المسلحة.
وتقوم المفوضية بنصب خيام كبيرة ستكون بمثابة مركز استقبال مؤقت لإيواء العائلات التي وصلت أخيراً إلى الموقع وتنتظر الفحص. ومع شركائها، بدأت المفوضية العمل أيضاً على إنشاء مخيم جديد على بعد أقل من كيلومتر، يمكنه إيواء ما يصل إلى 30,000 نازح عراقي.
كما يجري توزيع مواد الإغاثة الطارئة، بما في ذلك الفرش والبطانيات وحزم مستلزمات النظافة والطبخ والمدافئ والأوعية على الوافدين الجدد.
وقال برونو جيدو، ممثل المفوضية في العراق: "بدأت أعداد كبيرة بالفرار في الأيام القليلة الماضية بسبب تدهور الظروف الأمنية والوضع الإنساني السيء في غرب الموصل. لا نزال نشعر بالقلق على سلامة المدنيين ونحث السطات على تأمين ممر آمن لجميع الفارين".
وأضاف: "تكثف المفوضية وغيرها من الوكالات المساعدات الطارئة للوافدين الجدد، لضمان حصولهم على كل ما يحتاجون إليه لبدء حياة جديدة في مخيمات النزوح الآمنة إلى أن تصبح الظروف مؤاتية للعودة".
وقال صدام البالغ من العمر 33 عاماً، والذي فر كذلك من حي المأمون مع زوجته وأطفاله الصغار: "كان هناك قناصون وقذائف. كان الليل صعباً جداً. كانت المعركة شرسة جداً. تركنا كل شيء وراءنا لنحصل على الحرية. كانت الموصل مثل سجن للمجرمين. الآن، بدأت الحياة تعود إلى وضعها الطبيعي".
أمضت أسرته ليلتها في المخيم، ولكن بفضل كفالة من الأقارب، انتظرت للمغادرة إلى القرية القريبة من مخيم حمام العليل التي تضج بالحركة ولكن المدمرة بسبب الحرب، وقد استعادتها القوات الحكومية في نوفمبر الماضي. وأضاف صدام: "أريد أن أجد وظيفة، أن أكون قادراً على العمل. وأريد أن يذهب أطفالي إلى المدرسة".
بعد أكثر من عامين من القواعد الصارمة التي فرضتها الجماعات المسلحة، والأشهر الأخيرة من نقص المواد الغذائية وغيرها من المواد الأساسية التي فرضت على كثر تناول وجبة واحدة في اليوم تتألف من الخبز وحده أو البطاطا أو حساء الطماطم، تتطلع الأسر اليوم إلى الحريات والإمكانات الجديدة.
وقد قالت زمان البالغة من العمر 17 عاماً والتي وصلت إلى المخيم قبل ساعة في الباص مع أختها نور التي تبلغ من العمر 32 عاماً، وهي أم لأربعة أولاد: "كنا خائفين عندما غادرنا، لكننا سعيدون جداً لوجودنا هنا". وقد هربت العائلة من وادي الحجر، ونجحت في الإفلات من الجماعات المسلحة التي حاولت إجبارها على مغادرة منزلها للانتقال إلى موقع آخر بعد اندلاع قتال جديد. وأضافت زمان: "أنا سعيدة لأننا تخلينا عن حياتنا القديمة وأتينا إلى هنا".